قوله تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ

لقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ[1]، ما المقصود بالمنافقين، والنفاق في هذه الآية الكريمة؟

الإجابة

المراد بالمنافقين هم الذين يتظاهرون بالإسلام وهم على غير الإسلام؛ يدعون أنهم مسلمون وهم في الباطن يكفرون بالله ويكذبون رسوله عليه الصلاة والسلام؛ هؤلاء هم المنافقون، سموا منافقين؛ لأنهم أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر.

وهم المذكورون في قوله عز وجل: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ[2]، يعني شك وريب، فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ[3]، فهؤلاء هم المنافقون.

وهم المذكورون في قوله جل وعلا: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ[4]، يعني ليس عندهم إيمان: يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ[5].

المعنى: أنهم مترددون بين الكفار والمسلمين؛ تارة مع الكفار إذا ظهر الكفار وانتصروا، وتارة مع المؤمنين إذا ظهروا وانتصروا؛ فليس عندهم ثبات، ولا دين مستقيم، ولا إيمان ثابت؛ بل هم مذبذبون بين الكفر والإيمان، وبين الكفار والمسلمين.

وهم المذكورون في قوله جل وعلا: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ * فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ[6]، فهؤلاء هم المنافقون النفاق الأكبر نسأل الله العافية والسلامة، وهم المتوعدون بالدرك الأسفل من النار؛ لعظم كفرهم وعظم شرهم وتلبيسهم على الناس.

[1] النساء: 145.

[2] البقرة: 8-10.

[3] البقرة: 10.

[4] النساء: 142.

[5] النساء: 142، 143.

[6] التوبة: 54، 55.