حكم من طلق بالثلاث بلفظ واحد وهو ينوي واحدة

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى حضرة الأخ المكرم/ فضيلة قاضي ظهران الجنوب وفقه الله، آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده:[1] يا محب كتابكم الكريم رقم: 710، وتاريخ 9/8/1388هـ وصل- وصلكم الله بهداه- واطلعت على ما أثبته فضيلتكم من صفة الطلاق الواقع من الزوج: م. ع. على زوجته، وهو أنه طلقها بالثلاث بلفظٍ واحد، ويقصد بذلك طلقة واحدة، ولم يسبق أن طلقها قبل ذلك، ومصادقة المرأة له في صفة الطلاق، وأنه لم يسبق أن طلقها قبل ذلك، وثبوت مراجعته لها في الحال حسب البينة.

الإجابة

وبناءً على ذلك، أفتيت الزوج المذكور: بأنه قد وقع على زوجته المذكورة بالطلاق المنوه عنه طلقة واحدة ومراجعته لها صحيحة؛ لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على الفتوى المذكورة كما لا يخفى.

فأرجو من فضيلتكم إشعار الجميع بذلك، وأمر الزوج بالتوبة من طلاقه المذكور؛ لكون التطليق بالثلاث لا يجوز كما يعلم ذلك فضيلتكم.

أثابكم الله، وسدد خطاكم، وجزاكم عن الجميع خيراً.

أما ما أشار إليه فضيلتكم: من أن أهل البلاد إذا طلق أحدهم بالثلاث، فلا يقصد بها إلا ثلاثاً؛ لأن معظمهم أميون، وليس لديهم سوى ظاهر ما يتلفظون به، وأنه إذا فتح لهم المجال، فربما يسلك هذه الطريقة الكثير منهم؛ لعدم معرفتهم بما وراء ذلك؛ لقوة الجهل المخيم على عقولهم إلا من هدى الله فقد فهمته.

ولا يخفى على فضيلتكم أن مثل هذا الجهل وهذا الاعتقاد، لا يمنع من إفتائهم بما يوافق الشرع، وفيه فرج لهم، وحل مشاكل عظيمة؛ لأن الغالب صدور الطلاق الثلاث في حال الغضب، ثم الندم الشديد بعد ذلك، وقد صح من حديث ابن عباس ما يدل على ما ذكرناه آنفاً، من اعتبار الثلاث إذا وقعت بلفظ واحد طلقة واحدة، هذا أقل ما يحمل عليه الحديث.

وقد أخذ بذلك جم غفير من أهل العلم، منهم ابن عباس في رواية صحيحة عنه، ومحمد بن إسحاق صاحب السيرة وغيرهما، وهو بعض ما اختاره شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية، وتلميذه العلامة/ ابن القيم رحمهما الله تعالى.

وأسأل الله أن يوفقهما وسائر إخواننا لإصابة الحق في القول والعمل، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعاً، ويمنحهم الفقه في الدين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

[1] صدرت من مكتب سماحته برقم: 1492، في 18/9/1388 ه.