حكم اقتناء صورة الزوج للتذكار

السؤال: ما حكم اقتناء صورة الزوج للتذكار؟ هل هو جائز أم لا؟

الإجابة

الإجابة: إن الصور الفوتوغرافية التي تُعمل عن طريق تحميض الظل الذي يحبس بواسطة العدسة المغناطيسية التي تنقل الظلال فتعكسها في داخل الكاميرا ثم بعد ذلك بالتحميض تطبع صورة مماثلة لها سواء كان ذلك بالمباشرة كالصور الفورية أو كان عن طريق وضعها أولاً على الشريحة البلاستيكية التي تسمى بالكليشة ثم طبع صور عليها كل هذا ليس هو التصوير الذي جاءت فيه النصوص الشرعية، فالنصوص التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في منع التصوير دلالتها إنما هي على ما يسمى صورة في لغة العرب في وقت كلام النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم التصوير وحذر منه وبين أن الذين يصورون يعذبون يوم القيامة حتى ينفخوا الروح في فيما صوروه وما هم بنافخين. فقال: "من صور ذا روح عذب يوم القيامة حتى ينفخ فيه الروح وما هو بنافخ"، وبيّن أنهم أشد الناس عذاباً يوم القيامة وبيّن أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة وكل ذلك إنما هو فيما يسمى صورة في لغة العرب، وهذا التحميض لم يكن العرب يعرفونه. فأول ما عُرف في القرن الثالث عشر الهجري فلم يكن يسمى بالصورة في لغة العرب ولا تصدق عليه هذه الكلمة لا في النصوص الشرعية ولا في مفردات اللغة.

وتغير دلالات اللغة لا يقتضي تغير الأحكام بدلالة النصوص لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن قوماً في آخر الزمان يستحلون الخمر يسمونها بغير اسمها"، فلو كانت تسمية الشيء بعير اسمه تغير حكمه لكان الذي فعله هؤلاء مباحاً حين لم يُشرب الخمر في زعمهم وإنما شربوا ما يسمونه الكحول أو بالمشروب الروحي أو بغير ذلك، فلذلك يشرب الناس اليوم شراباً يسمي بالقهوة وهو شراب قشر البن، ولو رجع أحدكم إلى القاموس لوجد أن القهوة هي الخمر. في القاموس: "القهوة: الخمر كقهوة شارب متنطف", لكن تسمية هذا المشروب بالقهوة لا يحرم هذا المشروب لأن هذا المشروب لم يكن معروفاً لدى العرب فلم يسموه باسم ونحن نقلنا إليه هذا الاسم وسميناه به، فهذا نظير ما لو سمَّى إنسان كبشاً خنزيراً أو سمَّى خنزيراً كبشاً: فإن ذلك لا يغير الحكم الشرعي ولا يؤثر فيه وقد نبه ابن قدامة رحمه الله في المغني على هذه القاعدة وذكرها قاعدة إجماعية بين المسلمين ونظمها الشيخ محمد عالي رحمه الله في قوله:

لا تنقل الأعيان عن حكمها *** تسمية العين بغير اسمها إثبات حق ليس في قسمها *** لا تقتضي منعاً ولا تقتضي كحكمها من بعد في يومها *** بل حكمها من قبل في أمسها إيقاف من يفتي على فهمها *** فائدة مهمة ينبغي

وهذه القاعدة يترتب عليها أنّ: ما سماه النبي صلى الله عليه وسلم صورة وهو ما كان من النحت من الحجارة أو من الطين أو من الخشب وما كان من النسيج أو من الرسم بالريشة أو باليد فهذا هو المحرم إذا كان الذي يصور به ذا نفس: أي حياً.

أما ما سوى ذلك فتسميته صورة لا تدل على تحريمه لأنه مجرد انعكاس كانعكاس صورة الوجه في المرآة، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له مرآة وكان ينظر فيها، فلو كان التصوير عن طريق الآلة حراماً لكان النظر في المرآة حراماً فلذلك لا تدل النصوص دلالة بمنطوقها ولا بمفهومها على تحريم التصوير الفوتوغرافي، ولا تدل كذلك بالعلة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم على تحريمه لأنه بيَّن العلة وهي أنهم: "يضاهون خلق الله فليخلقوا ذرة فليخلقوا شعيرة"، والمصور الفوتوغرافي لا يضاهي خلق الله وإنما يحبس ظل خلق الله كما هو.

ولذلك فالتصوير الحقيقي المحرَّم الذي هو بالرسم أو النحت لا يتقنه إلا من كان من أهل المهارة والدربة ويتنافس الناس فيه وهو غالي الثمن ولم يستثنِ النبي صلى الله عليه وسلم منه إلا رقماً في ثوب فالرقم في الثوب منه مباح: أي الشيء اليسير الصغير وما عدا ذلك حرَّمه، أما التصوير الفوتوغرافي فيفعله الصبيان والصغار ومن ليست لديهم أية مهارة في الرسم فدل هذا على أنه ليس مضاهاة لخلق الله ولا ينسب إلى فاعله، فأنت إذا رأيت صورة لا يمكن أن تسأل من الذي صور هذه الصورة أو من الذي فعلها فليس فيها مهارة في الواقع لأن العبرة بالجهاز ودقته وجودة ألوانه، فالعبرة بالآلة التي صورت.

وعلى هذا فلا يحرم من التصوير الفوتوغرافي إلا ما كان تصويراً لما لا يحل النظر إليه فما لا يجوز النظر إليه كالعورات وكالنساء المتكشفات لا يحل تصويره ولا اقتناء صوره، وما يجوز النظر إليه بالمباشرة يجوز اقتناء صوره لأي هدف من الأهداف: سواء كان ذلك للتعريف كالصور التي توضع في جوازات السفر أو في بطاقات التعريف، أو كان لغير ذلك فليس هو محل ضرورة حتى يقتصر عليها بل يجوز مطلقاً حتى للذكرى.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.