الطرق الناجحة للقيام بالدعوة إلى الله

ما هي الطرق الناجحة لديكم للقيام بالدعوة إلى الله في هذا العصر؟

الإجابة

أنجح الطرق في هذا العصر وأنفعها استعمال وسائل الإعلام، لأنها ناجحة وهي سلاح ذو حدين. فإذا استعملت هذه الوسائل في الدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من طريق الإذاعة والصحافة والتلفاز فهذا شيء كبير ينفع الله به الأمة أينما كانت، وينفع الله به غير المسلمين أيضاً حتى يفهموا الإسلام وحتى يعقلوه ويعرفوا محاسنه ويعرفوا أنه طريق النجاح في الدنيا والآخرة.

والواجب على الدعاة وعلى حكام المسلمين أن يساهموا في هذا بكل ما يستطيعون، من طريق الإذاعة، ومن طريق الصحافة، ومن طريق التلفاز ومن طريق الخطابة في المحافل، ومن طريق الخطابة في الجمعة وغير الجمعة، وغير ذلك من الطرق التي يمكن إيصال الحق بها إلى الناس وبجميع اللغات المستعملة حتى تصل الدعوة والنصيحة إلى جميع العالم بلغاتهم.

هذا هو الواجب على جميع القادرين من العلماء وحكام المسلمين والدعاة إلى الله عز وجل، حتى يصل البلاغ إلى كافة العالم في جميع أنحاء المعمورة باللغات التي يستعملها الناس. وهذا هو البلاغ الذي أمر الله به، قال الله سبحانه وتعالى لنبيه: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ[1] فالرسول صلى الله عليه وسلم عليه البلاغ وهكذا الرسل جميعا عليهم البلاغ صلوات الله وسلامه عليهم، وعلى أتباع الرسل أن يبلغوا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بلغوا عني ولو آية))[2] وكان إذا خطب الناس يقول: ((فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع)).

فعلى جميع الأمة حكاما وعلماء وتجارا وغيرهم أن يبلغوا عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم هذا الدين، وأن يشرحوه للناس بشتى اللغات الحية المستعملة بأساليب واضحة، وأن يشرحوا محاسن الإسلام وحكمه وفوائده وحقيقته حتى يعرفه أعداؤه وحتى يعرفه الجاهلون فيه، وحتى يعرفه الراغبون فيه، والله ولي التوفيق.

وختاما لهذا اللقاء فإني أنصح إخواني المسلمين في باكستان وفي بنجلاديش وفي كل مكان، أن يتقوا الله ويعملوا بشرعه وأن يعملوا بما أوجب الله عليهم، وأن يدعوا ما حرم الله عليهم أينما كانوا، وأن يحذروا الشرك بالله قليله وكثيره دقيقه وجليله وأن يخلصوا لله العبادة في جميع الأحوال، وأن يحذروا ما وقع فيه كثير من الناس من التعلق بالأموات والاستغاثة بهم، سواء كانوا من الأنبياء أو الأولياء أو غيرهم، كما أحذرهم من التعلق بالأشجار أو الأحجار أو الأصنام أو غيرها من الجمادات؛ لأن العبادة حق الله وحده ليس له فيها شريك، كما قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ[3] الآية. وقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ[4] ويقول سبحانه: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[5].

فالواجب على جميع الثقلين أن يخصوا الله بالعبادة دون كل ما سواه، وأن يؤدوا حقه الذي فرض عليهم من الصلاة وغيرها، وأن يحذروا ما حرم الله عليهم، وأن يتواصوا بالحق والصبر عليه، وأن يتعاونوا على البر والتقوى أينما كانوا، وأن يتفقهوا في دين الله، وأن يجتهدوا في تلاوة القرآن الكريم والتدبر لمعانيه والتعقل والعمل بما فيه؛ لأنه كتاب الله فيه الهدى والنور. قال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: ((إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله)) والله يقول: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ[6]، ويقول سبحانه: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ[7].

فالواجب على المسلمين جميعا أن يتعقلوه ويتدبروه ويعملوا به. وهكذا سنة النبي صلى الله عليه وسلم يجب العناية بها وحفظ ما تيسر منها، والعمل بها وتفسير ما أشكل من القرآن بالسنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها الوحي الثاني، والأصل الثاني من أصول الشريعة التي يجب أن يرجع إليها في كل ما أشكل من كتاب الله، وفي كل ما أشكل من الأحكام.

هذه وصيتي لجميع المسلمين، وأن لا تشغلهم الدنيا وشهواتها عن آخرتهم، بل يجب عليهم أن يستعينوا بالدنيا على الآخرة، وأن يجعلوا الدنيا مطية للآخرة حتى ينجحوا ويربحوا ويفلحوا، والله ولي التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

[1] سورة المائدة الآية 67.

[2] رواه البخاري في الصحيح.

[3] سورة الإسراء الآية 23.

[4] سورة البينة الآية 5.

[5] سورة الجن الآية 18.

[6] سورة الإسراء الآية 9.

[7] سورة فصلت الآية 44.