الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن الشركة تقوم بعملية التمويل عن طريق إقراض
الموظف المال دون أن تتملك المبنى أو تتولى البناء بنفسها، فإذا كان
الحال كذلك فالعقد محرم لأنه قرض بمنفعة، إذ أن الشركة تقرض الموظف
مبلغاً من المال وتشترط رده بزيادة وهذه الزيادة من الربا.
والطريقة الصحيحة: أن يتفق الطرفان على عقد استصناع (مقاولة)، بحيث
تتعهد الشركة ببناء البيت وفق المواصفات التي يطلبها الموظف، على أن
يقوم بتسديد قيمة البناء على أقساط مؤجلة حسبما يتفق عليه
الطرفان.
ولا مانع في هذه الحال أن يكون البناء بإشراف الموظف مباشرة، كما لا
يمنع أن تتفق الشركة مع صانعٍ آخر (مقاول من الباطن) ليتولى البناء،
بشرط أن تكون عهدة البناء وضمانه تجاه الموظف على الشركة
الممولة.
فإذا كان العقد على هذه الصورة فهو جائز بشروط ثلاثة:
- الشرط الأول: أن يكون عقد الاستصناع حقيقياً لا صورياً، وذلك بألا
يقتصر دور الشركة على التمويل المالي فقط، بل يجب أن تكون عهدة البناء
وضمانه تجاه الموظف عليها، وأن تتولى الشركةُ البناءَ بنفسها أو
بالاتفاق مع مقاول آخر.
- الشرط الثاني: أن يكون العوض الذي يدفعه الموظف ثابتاً لا يزداد
بزيادة المدة، فإذا اتفق الطرفان على مبلغٍ معين، وفترة محددة للسداد،
فلا يجوز فرض غرامة عن التأخير أو إعادة جدولة الدين بزيادته عن
المبلغ المتفق عليه حتى ولو كان ذلك مشروطاً في العقد لأن هذا الشرط
باطل لاشتماله على الربا.
- الشرط الثالث: أن يكون التأمين المشار إليه تأميناً تعاونياً لا
تجارياً، والفرق بينهما أن التأمين التجاري تتولاه مؤسسات أو شركات
يكون الغرض من تأسيسها ربحياً بحيث تقوم بتحصيل أقساط التأمين ودفع
التعويضات والاحتفاظ بما تبقى من الأقساط بعد دفع التعويضات وعائد
استثماره لصالح ملاك الشركة، وهذا محرم شرعاً لأنه ينطوي على شبهات
شرعية عديدة، منها الغرر وأكل أموال الناس بالباطل، أما التأمين
التعاوني فهو قائم على أساس التكافل والتعاون، حيث تتولاه جمعيات أو
مؤسسات لا تهدف إلى الاسترباح من أقساط التأمين، وإنما يكون الغرض من
إنشائها تفتيت المخاطر التي تقع على المشتركين، وذلك بتجميع أقساط
التأمين من المشتركين في صندوق جماعي، وما كان من فائضٍ أو ربحٍ فيه
فيعود للمشتركين أنفسهم وما كان من نقصٍ أو خسارة فعليهم، ولا مانع من
أن تتقاضى الجهة التي تقوم بإدارة هذا العمل أجوراً أو عمولات مقابل
ذلك بشرط أن تكون تلك الأجور أو العمولات معلومة للطرفين.
فإذا تحققت الشروط الثلاثة فالمعاملة جائزة، والله أعلم.
المصدر: موقع الشيخ حفظه الله
تعالى.