الإجابة:
الأخت الكريمة ، أولا يجب أن تتعلمي شيئا مهما في الحياة ، وهي أنه
ليس كل من يبدي لك مشاعر أو كلمات رقيقة هو حقا له قصد حسن ، وبكل
بساطة ، فالله تعالى علمنا أن من كان له قصد حسن ، ويريد حقا إكرام
من يحب ، ويقدر المرأة حق قدرها فإنه لايفعل شيئا حتى الخطاب لغير
حاجة ضرورية بينه وبينها قبل أن يتقدم للخطبة الشرعية ، ثم يعقد
عقد النكاح الشرعي .
لأنها كما هو المفترض فيمن يحترم المرأة في عينه أجل وأكبر وأطهر
من أن يمس شيئا من جسدها بالحرام ، وتذكري شيئا مهما إن هذا الشخص لو
علم أن شابا يكلم ابنته أو أخته كلاما معسولا يبدي لها مشاعر الحب
الزائف ، ثم يتجرأ أن يقبلها ، فإنه يعد ذلك أعظم إهانة له ولها ،
ويشتاط غضبا ، فما باله إذن فعل ذلك بك ؟؟! ، ألا يدل ما فعله على أنه
إنما نظر إليك كجسد يطلب فيه اللذة فحسب ، وأقول لك هذا ، حتى تتخذينه
قاعدة ومنهجا تسيرين عليه في الحياة ، ومن اتخذ شريعة الله تعالى
منهجا له في الحياة ، وجعل طاعة الله سفينة النجاة ، لم يهتد إلا إلى
الرشاد بإذن الله تعالى..
والحمد لله أنك فتاة تحافظ على الصلاة ، ودائمة الاتصال بالقرآن وذكر
الله تعالى ، فكان لهذا الاثر الطيب عليك ، مما جعلك تشعرين بوخز
الضمير ، وهذه هي النفس اللوامة التي تلوم على فعل السيئة ، وهي تدل
على سلامة الايمان ، وفي الحديث الصحيح إذا ساءتك سيئتك وسرتك حسنتك
فأنت مؤمن
والمطلوب منك الآن أن تفكري في شيء واحد ، هو كيف تتوبين إلى الله
تعالى بصدق وتجدين مرة أخرى طريقك إلي الله تعالى ، هذه الخطوة هي
الحركة الاولى الصحيحة في مشكلتك إذا أخطأتيها سوف تتعقدالامور أكثر
وأكثر ، وإذا خطوت هذه الخطوة بصورة صحيحة سوف يصبح كل شيء على ما
يرام ، فالان توجهي إلى الله تعالى بالتوبة النصوح واعقدي العزم على
أن لاتفعلي شيئا يغضبه بعد اليوم ، وأكثري من العمل الصالح ، فصدقة
السر تقي مصارع السوء كما صح في الحديث ، وأكثري من الدعاء في آخر
الليل أن الله تعالى يغفر لك ويجد لك مخرجا وتوكلي عليه وحده ، واعلمي
أن العبد كلما تعاظم الذنب فذلك خير له ، وكلما هون من أمر الذنب فذلك
علامة على خذلانه ، وكونك استعظمتي أمر الذنب الذي فعلتيه ، يدل على
خير وإيمان ، واعلمي أن الإيمان في قلب المؤمن هو الجوهر الذي هو أغلى
وأجمل وأنفع ما في الوجود، وأن حركة الشيطان كلها إنما تدور على إفساد
هذا الجوهر، إما بنقضه بالكفر ، أو تشويهه بالذنوب وعلى المسلم أن
يعيد صفاء جوهر الايمان بصقله بالاستغفار والعمل الصالح ، قال تعالى {
إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى
للذاكرين }
وأن يتعاهد دائما إيمانه بالتنظيف والتلميع ، وذلك يكون بتجديد
الايمان والتوبة والاستغفار والعمل الصالح
كما ننبه إلى خطورة الاختلاط بين الجنسين ، ومعلوم أن الاختلاط بين
الجنسين في العمل على نحو يثير الفتنة ، ليس سوى سبيل إلى الوقوع في
الفحشاء ، وهو مؤد لا محالة إلى انتشار الزنى في المجتمعات أما كيف
يؤدي الاختلاط هذه النتيجة ؟ فلان الاختلاط بين
الرجال والنساء في مثل هذا المواضع، يستدعي تجاذبهما على ما ركب في
طبيعة كل منهما ، وهو أمر لايمكن دفعه ولا رفعه ، فالمرأة تدعو الرجل
إلى النظر إليها بإظهار الزينة المطبوعة ، وإضفاء الزينة المصنوعة ،
والرجل يصنع مثل ذلك .
ثم يتبع هذه الخطوة خطوات ، كما قيل : نظرة فابتسامة فسلام فكلام
فموعد فلقاء ، ولهذا قال تعالى في هذا السياق { يا أيها الذين آمنوا لاتتبعوا خطوات الشيطان
ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر } ، ومعلوم
أن وقوع الفاحشة غالبا يسبقه خطوات وخطوات ، وأول هذه الخطوات هو
الاختلاط المحرم ، لانه اصبح منطلقا لتلك الخطوات ، فهو أشبه بالعرض
العام للنظر والتعارف . و أما آخر هذه الخطوات فهو انتشار الفحشاء حتى
تعتادها النفوس ، ويصير المعروف منكرا والمنكر معروفا ، ولا
يستبعد أن يصبح الزنى بعد أن مدة ، تعبير حميم عن الحب والصداقة ،
وتصبح العفة والتعفف رجعية فكرية ، وعقدة نفسيه ، وإذا بلغ الأمر إلى
هنا ، فقد بلغ السيل الربى .
ولهذا فالواجب على المرأة إن كانت في عمل مختلط أن تبحث عن عمل آخر
لايكون فيه اختلاط بين الرجال والنساء ، أو تطلب نقلها إلى حيث تكون
مع مثيلاتها من النساء بعيدا عن الاختلاط بالرجال ، وهذا واجب عليها
شرعا ، لأنها باختلاطها بالرجال تعرض نفسها للفتنة ، وتعرضهم هم أيضا
للفتنة بها
والله أعلم