التحذير من الاغترار بمؤلفات وكتابات المستشرقين

ظهور الكتب لمؤلفين مستشرقين باللغة العربية قد أظهر خطراً محدقاً بتفكيرنا الذي نشأ بقراءة كتب السلف الصالح، وإني أوضح ذلك قائلاً: إن أدباءنا وكتابنا ومؤرخينا ظلوا وما لبثوا يستعملون الألفاظ المبجلة لمن كتبوا عنهم، بينما نرى هؤلاء المستشرقين تُحسهم وأنت تقرأ لهم أنهم يعتدلون في ذلك، أي أنك ترى أنهم يكتبون بكل تدبر، ولا يُلقون الكلمات جزافاً، أي أنهم يذكرون العيوب والحسنات، بينما الكاتب العربي حتى ولو أنه يكتب قصة أو شيئاً عن المسلمين تجد أنه يذكر الحسنات دون السقطات والمساوئ، مما جعل القارئ غير واثق فيما يكتب هذا الكاتب العربي المسلم؟!

الإجابة

لا شك أن الكتاب يتفاوتوا ولا ريب أن المترجمين من الناس يتفاوتون فمن الناس من يعتدل ويذكر حسنات الرجل وأعماله الطيبة حتى يقتدى به، وحتى يتأسى به في الخير، ويترك السيئات التي لا ينبغي ذكرها، لأنه لا ينبغي ذكر سيئات الأموات، لأنه غيبة فلا ينبغي ذكر سيئاتهم بل ينبغي ذكر أعمالهم الطيبة التي يقتدى بهم فيها، أما السيئات فينبغي دفنها وعدم ذكرها، لأنها من الغيبة، والله جل وعلا يقول: ولا يغتب بعضكم بعضاً، اللهم إلا أن يكون ذلك الرجل من أهل البدع، من أهل الكفر بالله، ممن يخشى أن يقتدى به في الباطل فيذكر مساوئه ليحذر، ولا يقتدى به في الباطل، فيكون هذا من باب النصيحة للمسلمين، فإذا ذكر المترجم أو المؤرخ بعض عيوب الأموات التي يخشى أن يتأسى بهم فيها، من البدع التي فعلوها أو الدعاية ضد الإسلام أو ما أشبه ذلك وبين هذا ليحذروا ولا يقتدى بهم في الباطل فهذا حسن أما السيئات التي بينهم وبين الله، التي دون الكفر، فينبغي ألا تذكر وأن تترك لأن ذلك من الغيبة وأن تذكر حسناتهم الطيبة وأعمالهم العظيمة التي يدعى لهم بسببها، ويتأسى بهم فيها، هكذا ينبغي للمؤرخ والمترجم للأموات، لكن من اشتهر بالشر والبدعة ونحو ذلك، تبين بدعته وشره الذي اشتهر به حتى لا يقتدى به وحتى تعلم حاله والله المستعان.