نصيحة في العدل بين الأولاد

والدي من ذوي الأموال والعقارات، وله أولادٌ ذكور ومن الإناث أنا وأختي، ولكنه لا يعدل بيننا في الهبات، فهو يعطي الأولاد أموالاً نقداً وعقاراتٍ بدون مقابل، ولكي يتخلص من مطالبتنا يسجل عقود بيع بينهم صورية، وإذا طالبناه يهددنا بإعطائهم ما تبقى وحرماننا من كل شيء، علماً أنه يصلي ويصوم ويقرأ القرآن، وإذا قلنا له هذا حرام عليك، يستهزئ بنا ويسخر منا، وحتى أختي الثانية تسبب في طلاقها من زوجها منذُ ثلاثين سنة، ورفض تزويجها مرةً أخرى حتى بلغ عمرها الآن خمسين سنة، ومع ذلك لا ينفق عليها، بل إخوتي مرةً يعطفون عليها ويعطونها، ومرةً أخرى يطردونها بسبب تأثير والدي عليهم، فقد زرع الكراهية في نفوسهم نحونا، إضافةً إلى ما جرت عليه العادة عندنا من عدم تزويج الفتاة إلا من ابن عمها مهما كان، فما رأيكم في هذا، وبماذا تنصحون والدنا هذا؟

الإجابة

أولاً: الواجب على الرجل أن يتقي الله في أولاده، وأن يعدل بينهم في العطية، وليس له الجور والحيف، بل يجب أن يعدل بينهم في العطية، فيعطي الرجل ضعف المرأة كالميراث، هذا هو الصواب، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، ولما جاءه بشر بن سعد الأنصاري -رضي الله عنه- قد أعطى ابنه النعمان غلاماً، قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أكل ولدٍك أعطيته من هذا)، قال: لا، قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، قال إني لما أشهده، قال: إني لا أشهد على جور، هذا يدل على أن التفضيل بين الأولاد أو إعطاء بعضهم وترك البعض جورٌ وظلم، هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم، كما دل عليه الحديث الشريف، فالواجب على أبيك تقوى الله وأن يعدل في أولاده، وإذا لم يعدل وجب على الحاكم الشرعي أن يلزمه بالعدل، وأن ينقض العطايا التي فيها الحيف والجور، وإذا كانت بصور بيع لا حقيقة له يبطل هذه البيوع الباطلة إذا ثبت لدى الحاكم أنها حيلة، فالبيع الذي يكون بالحيلة باطل وجورٌ وظلم، والله –سبحانه- أوجب على الآباء والأمهات العدل في أولادهم، وأن لا يجوروا، وأن يحرصوا على أن يكونوا في البر لهم سواء. وكذلك ليس للوالد أن يمنع بناته الزواج، بل عليه أن يساعد في الزواج، ولا يجوز له أن يجبرها على ابن عمها، بل إذا جاءه كفؤٌ من بني عمها أو غيرهم وجب على الولي التزويج، سواء كان هذا الولي أباً أو غير أب هذا هو الواجب، وقد جاء في الحديث: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير)، والله -جل وعلا- قال: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ[البقرة: 232]، من الأولياء يعني العضل، فإذا عضل الوالد زالت ولايته، وساغ للقاضي أن يولي غيره بقية العصبة الأقرب فالأقرب، فالمقصود أن والدك إذا كان عمله ما ذكرت فقد أساء وعصى ربه، فعليه التوبة إلى الله، وعليه أن يعدل بين أولاده، وعليه أن يرد العقود الباطلة التي تحيل بها وسماها بيعاً وليست ببيع وإنما هي عطايا، وعلى الحاكم الشرعي إذا علم هذا بالبينة أن يبطل العقود وأن يرد العطايا الجائرة، وأن يلزمه بالتسوية بين أولاده، كما أن على القاضي أن يلزمه بتزويج البنت التي يخطبها الكفؤ يلزمه القاضي أن يلزمه بالزواج، أو يعزله عن هذا الأمر ويحكم عليه بالعضل، ويسمح للأقرب من العصبة بعد الوالد بالتزويج، هذا هو الواجب على الأولياء وعلى حكام الشرع في علاج هذه المسائل، نسأل الله للجميع الهداية.