التلقيح الصناعي

السؤال: سائل يسأل عن حكم التلقيح الصناعي الذي يستعمله بعض النساء إذا كان زوجها عقيماً، أو لم تكن ذات زوج أصلاً، ويقول: هل هو حلال أم حرام؟ وهل يُلْحَقُ نسب الطفل بالرجل ولو لم يكن من مائه؟

الإجابة

الإجابة: لقد رأيت بحثاً في هذا الموضوع للشيخ محمود شلتوت، وآثرت أن ألخص لكم منه الجواب الآتي: من المعلوم أن تخلق الولد إنما هو من النطفة التي تخرج من الرجل فتصل إلى الرحم المستعد للتفاعل، سواء كان ذلك من طريق الاتصال الجنسي المعروف، أو بأي طريقة أخرى يصل بها المني إلى الرحم. ورتبوا عليه وجوب العدة، فيما إذا تحملت المرأة بماء الرجل.

▪ فإذا كان التلقيح بماء الرجل لزوجته الشرعية بنكاح صحيح، فلا إثم فيه ولا حرج، بل قد يكون سبيلاً للحصول على ولد شرعي، يذكر به والده، وبه تمتد حياتهما، وتكمل به سعادتهما النفسية والاجتماعية، ويطمئنان على دوام العشرة، وبقاء المودة بينهما.

▪ أما إذا كان التلقيح بماء رجل أجنبي لامرأة لا يربط بينها وبينه عقد زواج صحيح -ولعل هذه الحالة هي أكثر ما يراد من التلقيح الصناعي عندما يتحدث الناس عنه- فإنه يعتبر جريمة أخلاقية منكرة. وهذا المسكين الذي يتجرأ على هذا الصنيع يزج بنفسه -دون شك- في دائرة الحيوان، ويخرجه عن المستوى الإنساني، مستوى المجتمعات الفاضلة التي تنسج حياتها بالتعاقد الزوجي وإعلانه. فمن فعل هذا فقد أتى جريمة منكرة، وإثماً عظيماً يلتقي مع الزنا في إطار واحد، جوهرهما واحد، ونتيجتهما واحدة، وهي وضع ماء رجل أجنبي قصداً في حرث ليس بينه وبينه عقد ارتباط بزوجية شرعية. وإذا كان التلقيح البشري بغير ماء الزوج على هذا الوضع، وبتلك المنزلة، كان دون شك أفظع جرماً، وأشد نكراً من التبني الذي أبطله القرآن، وهو أن يَنْسُبَ الإنسان إلى نفسه ولداً يَعْرِفُ أنه ابن غيره.
وإنما كان التلقيح أفظع جرماً من التبني؛ لأن الولد المتبنى معروف أنه ولد للغير، وليس ناشئاً عن ماء أجنبي عن عقد الزوجية، وإنما هو ولد ناشئ عن ماء أبيه، ألحقه رجل آخر بأسرته، وهو يَعرف أنه ليس ابناً له. أما ولد التلقيح، فهو يجمع بين نتيجة التبني المذكور، وهي إدخال عنصر غريب في النسب، وبين أخرى، وهي التقاؤه مع الزنا في إطار واحد لا تقره الشريعة الإسلامية، بل ولا جميع الشرائع السماوية، ولا المستوى الإنساني الفاضل. وحَسْبُ من يدعون إلى هذا التلقيح، ويشيرون به على أرباب العقم، تلك النتيجة المزدوجة التي تجمع بين الخستين: دَخَلٌ في النسب، وعارٌ مستمر إلى الأبد.
حفظ الله على المسلمين أنسابهم، ومستواهم الإنساني الفاضل. انتهى.