الإجابة:
لا شك أن الأمور كلها بيد الله عز وجل يصرفها كيف يشاء ولنا أمام هذا
الحدث ما يلي:
أولاً:
قد يختار الله من عباده المؤمنين أصنافا من الناس أفراداً أو جماعات
فيبتليهم ليرفع بالابتلاء درجتهم أو يكفر به ذنوبهم ، فالمصائب سبب
لتكفير الذنوب ، ورفعة الدرجات ، قال صلى الله عليه وسلم : " ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب
الله له بها حسنة ، أو حطّت عنه بها خطيئة" رواه مسلم (2572) .
ثانياً:
المشروع للمسلم إذا أصابته مصيبة أن يصبر ، ويقول ما أمرنا به النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله
عنها قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ " مَا مِنْ مُسْلِمٍ
تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ : إِنَّا لِلَّهِ
وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي ،
وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا ، إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ
خَيْرًا مِنْهَا " رواه مسلم ( 918).
ثالثاً :
من مات غريقاً فهو شهيد ، له ثواب الشهداء عند الله تعالى ، فعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ : الْمَطْعُونُ
وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ " رواه البخاري (2829) ومسلم ( 1914) وفي لفظ
عند مسلم ( 1915) : " والغريق شهيد
" .
قال ابن التين رحمه الله : " هذه كلها ميتات فيها شدة تفضل اللّه على
أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصا لذنوبهم وزيادة في
أجورهم يبَلِّغهم بها مراتب الشهداء (فتح الباري 8/ 438) .
رابعاً :
من أنجاه الله تعالى من هذا الحادث وخرج سليماً ، فليحمد ربه تعالى
على العافية ، وليحسن فيما بقي من عمره فإن الموت يأتي الإنسان بغتة ،
والله تعالى أمهله ونجاه ، ولو شاء لكان الأمر بخلاف ذلك .
خامساً :
من خرج من الغرق ميتاً ، فإنه يجب تغسيله وتكفينه والصلاة عليه . أما
من لم يتم العثور عليه منهم ، فهذا يجب أن يصلى عليه صلاة الغائب ؛
لأن صلاة الجنازة فرض كفاية يجب القيام بها . فتصف الصفوف ويتقدم
الإمام للصلاة عليه كأن الجنازة حاضرة بين أيديهم .
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
" إذا وُجِدَ الغريقُ فإنَّه يغسَّل ويكفَّن، ويصلى عليه كأي ميت آخر،
وإذا لم يعثر عليه فيصلى عليه صلاة الغائب عند الشافعية والحنابلة "
انتهى .
وقد روى البخاري (1318) ومسلم (951) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " نَعَى النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ النَّجَاشِيَّ
فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ، فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى
الْمُصَلَّى ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَفُّوا خَلْفَهُ ، فَكَبَّرَ
أَرْبَعًا " .
قال النووي رحمه الله : " فيه دليل للشافعي وموافقيه في الصلاة على
الميت الغائب " انتهى .
ونسأل الله تعالى أن يتقبلهم شهداء ، وأن يرزق أهلهم الصبر والسلوان .