الإجابة:
الحمد لله
الذي يظهر من تصرفات والدكم أنه بلغ مرحلة الخرف، وبها تسقط عنه
التكاليف الشرعية، فلا يؤمر بصلاة ولا صيام، ولا يقع منه يمين ولا نذر
ولا طلاق. وإذا استطعتم الصبر على تصرفاته وتحملها فافعلوا، وإن لم
تستطيعوا فلا حرج عليكم في الذهاب به إلى دار ترعى المسنين، على أن
تستمروا في بره وزيارته، وتلبية احتياجاته المادية والمعنوية قدر
استطاعتكم. واعلموا أن الله تعالى قد أوصاكم بوالديكم خاصة عند الكبَر
لشدة الحاجة في ذلك الوقت، وقد نهى الله تعالى عن التضجر والإساءة
بالفعل والقول ولو بقول " أف ". قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ
أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا
تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا. وَاخْفِضْ لَهُمَا
جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا
رَبَّيَانِي صَغِيرًا } الإسراء/23، 24.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: ثم ذكر [ الله عز وجل ] بعد حقه القيام
بحق الوالدين فقال {وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا } أي: أحسنوا إليهما بجميع وجوه الإحسان القولي
والفعلي لأنهما سبب وجود العبد ولهما من المحبة للولد والإحسان إليه
والقرب ما يقتضي تأكد الحق ووجوب البر. { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ
أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا } أي: إذا وصلا إلى هذا السن الذي
تضعف فيه قواهما ويحتاجان من اللطف والإحسان ما هو معروف: { فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } وهذا أدنى
مراتب الأذى نبه به على ما سواه، والمعنى لا تؤذهما أدنى أذية. {
وَلَا تَنْهَرْهُمَا } أي:
تزجرهما وتتكلم لهما كلاما خشنا، { وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا } بلفظ
يحبانه وتأدب وتلطف بكلام لين حسن يلذ على قلوبهما وتطمئن به نفوسهما،
وذلك يختلف باختلاف الأحوال والعوائد والأزمان. { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ
الرَّحْمَةِ }أي: تواضع لهما ذلا لهما ورحمة واحتسابا للأجر لا
لأجل الخوف منهما أو الرجاء لما لهما، ونحو ذلك من المقاصد التي لا
يؤجر عليها العبد. { وَقُلْ رَبِّ
ارْحَمْهُمَا } أي: ادع لهما بالرحمة أحياء وأمواتا، جزاء على
تربيتهما إياك صغيراً. وفهم من هذا أنه كلما ازدادت التربية ازداد
الحق، وكذلك من تولى تربية الإنسان في دينه ودنياه تربية صالحة غير
الأبوين فإن له على من رباه حق التربية. " تفسير السعدي " ( ص 407،
408 ).
والله أعلم.