صعوبات الغربة

السؤال: قبل سنتين جئت أنا وزوجي إلى دولة غربية لغرض الحصول على الجنسية، وعلى شهادة علمية تساعدنا في المستقبل. والكل يعرف ظروف عدم الاستقرار والقلق المستمر الذي ينتابنا، لذا قررنا السفر. وعند سفري كنت حاملا بالطفل الأول والحمد لله أنا الآن حامل بالطفل الثاني وعمر طفلي الأول سنة واحدة، فلا أخاف عليهم من المجتمع الذي أعيش فيه وأسأل الله العلي القدير أن يقسم لي الرجوع وأطفالي أعمارهم صغيرة. مشكلتي هي معاناتي من الناحية المادية، وزوجي بعد مجيئه إلى هنا معنوياته كلها هبطت، وأنا محتارة كيف أرجع الأمل إلى نفسه حتى يتخطى هذه المحنة وأتمنى أن يكمل دراسته في الاختصاص الذي كان يرغب في السابق أن يختص به، كما أن المشاكل التي أمر بها مع أخوالي وعائلاتهم (الذين يسكنون هنا في هذه الدولة)، لا أعرف ماذا أفعل بها؟ إذا زرتهم وهم بدءوا بزيارتي تحدث مشاكل وتكون الزيارات متكررة ومتعبة لنا من الناحية المادية والناحية النفسية، فلا أعرف كيف أتصرف معهم؟؟؟ أنا أعرف أن الغربة مؤلمة، ولكن لا يوجد حل سوى البقاء والانتظار لحين الحصول على الجواز، ومن ثم التفكير بالرجوع.

الإجابة

الإجابة: هذه المشكلة لا تحل بالتراسل الإلكتروني، فأنت بحاجة إلى من يمكنه أن يساعد زوجك في إيجاد عمل لأنه إذا وجد عملاً وارتاح مادياً أصبح أكثر قدرة على مواصلة الدراسة، وعلى أية حال لا يدري العبد أين تكون مصلحته، فقد تكون مصلحته في العودة من بلاد الكفار لأن فيها سيلقى مالا يكون في مصلحته وهو لا يعلم ويقدر الله تعالى عليه أن تسد عليه الأبواب هناك، حتى يرجع إلى بلاد المسلمين، وقد يكون ثمة مستقبل سيء ينتظر أولاده وليس هو، فيقدر الله تعالى له الرجوع، ليرجع ويربي أولاده في بلاد المسلمين، وقد يكون أحد أولاده سيكون يوماً من الأيام عالماً من علماء المسلمين، أو قائداً إسلامياً مثلاً، فيقدر الله تعالى أن يرجع والديه ليكملوا تربيته في بلاد الإسلام، وعلى أية حال متى فوض العبد أمره إلى ربه، واطمأن إلى قدر الله تعالى فهو في سعادة دائمة لا ينقطع عنها، وفي راحة تامة لا ينفك عنها، وفي انشراح مستمر لا يزول عنه، أما من تعلق قلبه في الدنيا، فإنها تتقلب بأهلها، مع أنه لا يكتب للعبد إلا ما قدر له منها، فهو يهتم ويتعب ويكد ولا يعلم أن الله تعالى لم يكتب له نصيباً في هذا الاتجاه، ثم يتحطم نفسياً، بينما لو كان قد علق قلبه في الآخرة لما اهتم لما يصيبه في الدنيا، والخلاصة أنصحكما أن تفوضا أمركما إلى الله، وتستعينا على ذلك بتقواه والعلم الصالح، فإن لم يقدر الله تعالى لكما رزقاً في تلك البلاد، فالرضا بقضاء الله تعالى من أعظم العبادات والصبر على مقادير الله تعالى أفضل الأعمال الصالحة، ومن صبر وقال عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، أخلفه الله تعالى خيراً من مصيبته والله أعلم.