من يعتقد في بعض الرجال أنهم أولياء لله، ويدعونهم، ويحلفون بهم

يقول السائل: إن هناك من الناس من يعتقد في بعض الرجال أنهم أولياء الله الصالحين، ولذلك يدعونهم، ويسألونهم، ويحلفون بهم، ويدعون أنهم يعلمون الغيب، ويقصدونهم من دون الله في كل صغيرة وكبيرة، والشيء الذي يحدث أيضاً أنه عندما يقابل الواحد شيخه يخلع عمامته ونعليه ويجلس ويضع ركبتيه على الأرض، ويقبل يد هذا الرجل ظناً منه أن هذا احترام لأولياء الله الصالحين المقربين الذين يعلمون ما في نفس المريد المحب لهم ويقضون حوائجه، ثم يسرد أموراً منكرة مثل هذه، وفوق ذلك أننا نجد أن بعض العلماء يقرونهم على هذه الأفعال. فما هو حكم هؤلاء وحكم صلاتهم وصيامهم؟

الإجابة

هذه أمور منكرة عظيمة خطيرة، ولا يجوز مثل هذا العمل، وأولياء الله هم أهل الإيمان، وليس أولياء الله أناساً خاصين غير أهل الإيمان، فأولياء الله هم المؤمنون وهم المسلمون كما قال الله عز وجل: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ[1]، وقال جل وعلا: وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ[2].

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما أوليائي المؤمنون)) فأولياء الله وأولياء رسوله صلى الله عليه وسلم وأولياء المؤمنين هم المؤمنون، وهم المتقون لله عز وجل، من جميع الناس؛ من العرب والعجم، من الذكور والإناث، من العلماء وغير العلماء، هؤلاء هم أولياء الله.

فاعتقاد أن المؤمنين أو بعض من يسمون بأولياء الله أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يدعون مع الله، أو يستغاث بهم، وينذر لهم، ويذبح لهم، ويتقرب إليهم بالذبائح، هذا شرك أكبر، وهذا شرك الجاهلية، وشرك المشركين الأولين، سواء كانوا أحياءً أو أمواتاً.

فإن اعتقد في هذا الشيخ أنه يعلم الغيب، أو يشفي المرضى، أو يتصرف في الكون، فهذا شرك أكبر والعياذ بالله، وهكذا لو قصد قبره إذا كان ميتاً، يدعوه مع الله، ويستغيث به، وينذر له، ويطلب منه المدد، كما يفعل مع البدوي، أو مع الحسين، أو مع ابن عربي، أو مع غيرهم من الناس، فهذا شرك أكبر، أو مع الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوه ويستغيث به بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، كل هذا شرك أكبر، فيجب الانتباه لهذا الأمر، والحذر منه، وتحذير الناس، ومن أقر الناس على هذا ممن ينسب للعلم، فهذا جاهل وليس بعالم.

أما العلماء العارفون بالله وبدينه فإنهم لا يقرون هذا، بل ينهون عن هذا، ويعلمون أن هذا شرك أكبر أما التقرب للشيخ بطرح العمامة أو خلع النعلين، فكل هذا جهل لا أصل له، وباطل، وكان الصحابة يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فلا يطرحون عمائمهم، ولا يخلعون نعالهم، وهم القدوة رضي الله عنهم.

فالواجب على أهل العلم البصيرين بالله وبدينه أن يوجهوا الناس، وأن يرشدوهم إلى الحق، وأن يعلموهم دين الله، فالعبادة حق الله كما قال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ[3]، وقال عز وجل: إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ[4]، وقال سجانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[5]، وقال عز وجل: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ[6].

والصلاة عبادة، والسجود عبادة، والذبح عبادة، والنذر عبادة، والدعاء عبادة، والاستغاثة عبادة، فعلى المؤمن والمؤمنة الانتباه لهذا الأمر، وأن يخصوا العبادة بالله وحده، أما المؤمنون والعلماء فعليهم أن يحبوهم في الله، ويطيعوهم في الخير إذا دعوهم إلى الخير، وينصحوا لهم، ويحسنوا إليهم إذا كانوا فقراء، أما أن يعبدوهم من دون الله فهذا منكر عظيم، وكفر شنيع، فيجب الحذر من ذلك، ويجب الانتباه إلى هذا الأمر، ويجب تحذير الناس منه، ويجب على العلماء أينما كانوا أن يحذروا الناس من هذا الشرك، ويبينوا لهم أن هذا خلاف شرع الله، والواجب على العلماء أن يكونوا قدوة في الخير لا قدوة في الشر، نسأل الله السلامة.

[1] يونس: 62، 63.

[2] الأنفال: 34.

[3] الإسراء: 23.

[4] الزمر: 2، 3.

[5] الفاتحة: 5.

[6] البينة: 5.