الإجابة:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه
ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فما ذكرته الأخت الكريمة مِن انحراف زوجها عن المنهج الإسلامي القويم،
مما يوجب عليها شرعًا النُّصْحَ له، والخروجَ عن سلبيتها؛ قال -
سبحانه وتعالى -: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ
بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ
نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132]، والخطاب في
الآية يعم الرجال والنساء.
وقال - صلى الله عليه وسلم - مُبَيِّنًا مسؤولية الزَّوجة تجاه
زوجِها وبيتها، من الطَّاعة والحفظ والإحسان: "والمرأة راعيةٌ على بَيْت زوجها وولدِه؛ فكلُّكم
راع، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيته"؛ متَّفق عليه.
فلا مناص مِن بذْل الوسْع، ومُدافعة تلك الكبائر بالنصح بحكمة، مع
التحاوُر معه بهدوء أولاً؛ للكفِّ عما يرتكبه مِن آثام، ثم لبيان ما
يجب عليه من حفْظ وصية النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فيكِ؛ حيثُ
قال: "استَوْصُوا بالنساء"...
الحديث؛ رواه البخاري،
وقوله: "اتَّقوا الله في النِّساء؛
فإنَّكم أخذتُمُوهنَّ بأمان الله، واستحللْتُم فروجَهنَّ بكلمة
الله"،
وقوله: "خِيارُكم خيارُكم
لنسائِهم"؛ رواه ابن ماجه. ؛
وقال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19].
ولتستَعِيني على ذلك بكلِّ سبيلٍ من قول وفعل، ولا مانع من الاستعانة
ببعْض أهْل الخير، من أهلِك أو جيرانِك وغيرهم، في سبيلِ الوُصول إلى
هدايتِهم، كما يمكِنُك الاستِعانة بالأشْرِطة والبرامج الَّتي فيها من
الوعْظ والزَّجر ما يكون نافعًا لهم - إن شاء الله.
على أن يكون ذلك مُحَاطًا بقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ} [النحل: 125].
وعليكِ باللِّين والرِّفق؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الرِّفْقَ لا يكُونُ في شَيءٍ إلاَّ زانَهُ،
ولا ينْزَعُ مِن شَيءٍ إلاَّ شانَهُ"؛ رواه مسلم وغيره.
لا تَتَعَجَّلي النَّتائج؛ فإنَّما عليكِ إحْسان العمل، ثمَّ دَعِي
النَّتائج لله تعالى، ولا تَيْئَسِي مِنْ عدم سرعة استِجابته، أو
تأخُّر توبته، فإنَّ مقصدك هو هدايته، ونيل الأجر بدلالته على أبْواب
الخير، وذلك مسْطور ومذخور لك عند ربِّك - إن شاء الله - واعلمي أن من
أكثر الطرق ولج!
كما نوصيك بصِدْق اللَّجأ إلى الله، والتوَجُّه إليه بالدُّعاء لزوجك
بظاهر الغيْب؛ فللدُّعاء تأثير عجيب في حصول الهداية، ولا يحسُّ
بحلاوته إلاَّ مَن ذاقه، وقد قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ
وَيكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62].
وقد هدى اللهُ تعالى كثيرًا من النَّاس بالدُّعاء، ومن هؤلاء أمُّ
أبي هُرَيرة - رضِي الله عنْهما - فقد روى مسلم في صحيحِه، عن يزيد بن
عبدالرحمن، قال: حدَّثني أبُو هُرَيرة قال: كُنْتُ أدْعُو أُمِّي إلى
الإسْلام وهي مُشْرِكَةٌ، فدَعَوْتُها يوْمًا، فأسْمَعَتْني في رسول
اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ما أكْرَهُ، فأتَيتُ رسول اللَّه - صلى
الله عليه وسلم - وأنا أبْكِي، قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّه، إنِّي
كُنْتُ أدْعُو أُمِّي إلى الإسْلامِ فتَأْبَى عَليَّ، فدَعَوْتُها
اليوْمَ فأسْمَعَتْنِي فِيكَ ما أكْرَهُ، فَادْعُ اللَّهَ أنْ يهْدِي
أُمَّ أبي هُرَيرَة، فقالَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -:
((اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أبِي هُرَيرَةَ))، فخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا
بِدَعْوَةِ نَبِي اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فلمَّا جِئْتُ
فَصِرْتُ إلى البابِ فإذا هُوَ مُجَافٌ، فسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ
قدَمَي، فَقَالَتْ: مَكانَكَ يا أبا هُريرةَ، وسَمِعْتُ خَضْخَضة
الماء، قالَ: فاغْتَسَلَتْ ولبِسَتْ دِرْعَها، وعَجِلتْ عَنْ
خِمارِها، ففَتَحَتِ البابَ ثُمَّ قالَتْ: يا أبا هُرَيرَة، أشْهَدُ
أنْ لا إلهَ إلاَّ اللَّه، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُه
ورَسُولُه.
قال: فرَجَعْتُ إلى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
فأتَيتُهُ وأنا أبْكِي مِنَ الفَرَحِ، قال: قُلْتُ: يا رَسُولَ
اللَّه، أبْشِرْ؛ قَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَك، وهَدَى أُمَّ
أبي هُرَيرة، فحَمِدَ اللَّهَ وأثْنَى عَلَيه وقال خَيرًا".
ولا يعني قولنا بترْك السلبية ونصح الزوج عدم الصبر على أخلاقه،
واحتساب الأجر عند الله، بل نقصد أن يكونَ النُّصْح بضوابطه حاضرًا مع
الصبْر الجميل، فكم من رجال هداهم الله بنُصح زوجاتهم! وكل هذا يزيدُك
رِفْعة في الدُّنيا والآخرة - إن شاء الله تعالى - ففي الصَّحيح عن
أبي هريرة، عنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما نقصتْ صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا
بعفْوٍ إلاَّ عزًّا، وما تواضَع أحدٌ لله إلا رفعه
الله".
كما نوصيكِ بمقابلة إساءة زوجك بالنُّصح والعفْو والإحسان، والستر
عليه؛ وكل هذا من الأخلاق الإسلامية الرفيعة؛ قال - تعالى -: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِي أَحْسَنُ فَإِذَا
الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِي حَمِيمٌ}
[فصلت: 34].
وأخبري زوجك أنك لن تسمحي بشرب الخمر في بيتك، وأنه إن استمر في غيه،
فستضطرين لإخبار والدك.
والله أعلم.
نقلاً عن موقع
الآلوكة على شبكة الانترنت.