حكم من يعظم القبور ويرجوا من أصحابها النفع والضر

لدينا أناسٌ يعظمون القبور، ويرجون من أهلها النفع والضر، هل يكون هؤلاء كفار مع أنهم يصلون ويقومون بباقي العبادات؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال سماحة الشيخ.

الإجابة

التعلق بالقبور ورجاء نفعها ودفع الضراء منها بدعائها أو التمسح بها أو الاستغاثة بها أو الطواف هذا كله كفرٌ أكبر، هذا شرك المشركين، هذا ضلال الأولين، فلا يجوز التعلق بالقبور، لا بقبور الصالحين ولا بقبور الأنبياء ولا غيرهم، فالذين يتعلقوا بها يطوفوا بها يرجون نفعها أو يستغيثوا بأهلها أو ينذروا لهم أو يتمسحوا بقبورهم، يرجوا منهم النفع، أو يستعين بهم، أو يذبح لهم أو يسجد لهم كل هذا من الكفر، بإجماع أهل السنة والجماعة، بإجماع أهل العلم، وهذا شرك المشركين الأولين، الله يقول جل وعلا: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) سورة المؤمنون، سماهم كفار، وقال جل وعلا: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) سورة الجن، وقال - سبحانه -: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ(13-14) سورة فاطر، فسمى دعاءهم شرك، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (الدعاء هو العبادة)، فالذي يدعوهم قد عبدهم، فإذا قال: يا سيدي انصرني أو اشف مريضي، أو اشفع لي أو أنا في جوارك، أو أنا في حسبك، أو قال: أنا متوكل عليك، أنا أرجوك أنا أخافك، هذا شرك أكبر، هذا ما يفعل إلا مع الله - عز وجل -، يخاطب الله: يا رب انصرني، اشف مريضي، أنا أخافك. ما يفعل إلا مع الله - سبحانه وتعالى-، أما مع المخلوق؛ هذا شرك أكبر، أو مع النجوم، أو مع الجن، أو مع الأصنام؛ هذا كله كفرٌ أكبر، هذا شرك المشركين، وهكذا ما يفعله عباد الحسين، أو عباد الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهما، أو عباد العيدروس أو الست زينب أو غير ذلك، كل هذا كفرٌ أكبر، وإذا دعاه؛ دعا العيدروس أو الحسين أو الحسن أو استغاث بعلي - رضي الله عنه -، أو بالنبي - صلى الله عليه وسلم- أو استعان به، أو قال: يا رسول الله انصرني، أو اشفع لي، أو اشف مريضي، أو ثبتني على الدين، كل هذا كفرٌ أكبر، الشفاعة تطلب منه يوم القيامة بعد البعث والنشور، وفي حياته قبل الموت يقال: اشفع لي يا رسول الله، لا بأس، أما بعد الموت لا، لا يطلب منه لا شفاعة ولا غيرها، حين كان حياً يقول الصحابي يا رسول الله: اشفع لنا، استغث لنا، لا بأس، لأنه قادر، وهو يوم القيامة كذلك، بعدما يبعث الله الناس وعند شدة الهول يذهب المؤمنون إلى آدم يقولون: اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من كرب الموقف، يقض بيننا، فيتعذر آدم ويحيلهم إلى نوح، يتعذر نوح يحيلهم إلى إبراهيم، يتعذر إبراهيم يحيلهم إلى موسى، فيتعذر موسى ويحيلهم إلى عيسى، فيتعذر عيسى ويقول: اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال صلى الله عليه وسلم: فيأتوني، يأتيه الناس، فأقول: أنا لها، أنا لها، ثم يذهب عليه الصلاة والسلام فيسجد بين يدي الله تحت العرش، ويحمد الله بمحامد يفتحها عليه، يثني عليه كثيراً، حتى يقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع، ما يشفع إلا بعد الإذن، لأن الله يقول: من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، فإذا أذن له شفع في الناس يقضى بينهم، وشفع لأهل الجنة يدخلون الجنة، ويشفع في أناس من العصاة دخلوا النار أن يخرجوا منها، شفاعته كثيرة عليه الصلاة والسلام، وهذا ... يشفع المؤمنون في العصاة، تشفع الملائكة، يشفع الأفراط، فهذا جاءت به النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم.