الإجابة:
في نظري أن الكلام في المسألة يتفرع إلى ثلاث فقرات :
الأولى : مسألة هدم التماثيل
والأصنام ، وهي فيما أعلم مسألة اتفق عليها المسلمون ، وعمل بها موسى
وإبراهيم ومحمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، ثم عمل بها الصحابة
والسلف .
وفي صحيح مسلم عن علي مرفوعا : (لا تدع
تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته ).
وفي حديث آخر : ( مر برأس التمثال فليقطع
حتى يكون كهيئة الشجرة ) وهو في الصحيح .
وفي حديث ثالث : كسر الأصنام كما في حديث عمرو بن عنبسة في مسلم
والنسائي وأحمد وفيه : فقلت بماذا أرسلك ؟ قال : ( بأن توصل الأرحام ، وتحقن الدماء ، وتؤمن السبل ،
وتكسر الأوثان ، ويعبد الله وحده لا شريك له ) وهذا لفظ أحمد .
ففي هذه الأحاديث ثلاث مراتب :
الأولى : الطمس ، وهو يصدق على معان عدة ، منها محو معالم الوجه
كالأنف والعينين .
الثانية : قطع الرأس .
الثالثة : الهدم والتكسير والإتلاف التام ويظهر أن هذا التنويع
يتفاوت بحسب نوع الاستخدام ، ففرق بين تمثال موضوع للزينة مثلا ، وبين
تمثال يعبد من دون الله ، وإن كان الجميع محرما كما هو مقرر معلوم
.
كما يتفاوت بحسب الحال والمقام ، وقد يكفي في أحيان الطمس ، ويحتاج
الأمر أحيانا إلى قطع الرأس ، أو الهدم ، بحسب المصلحة والمفسدة وفي
هذا مجال للاختيار بين أمور كلها مشروعة .
الثانية : مسألة التوقيت هي من
مسائل السياسة الشرعية ، التي يرجع فيها إلى أهل العلم والحكم من
المسلمين ، وقد تتفاوت فيها الأنظار ، ويختلف فيها الاجتهاد ، ولا
يثرب أحد على أحد ، فالمجتهد المصيب له أجران ، والمجتهد المخطئ له
أجر واحد .
وقد تخوف بعضهم أن يترتب على هدم هذه التماثيل مزيد من الضغوط على
الشعب الأفغاني ، ولكن يبدو أن الأمر بالنسبة لهم كما قيل : انا
الغريق فما خوفي من البلل ؟
وتخوف آخرون من هياج طائفي يجتاح بعض الأقليات الإسلامية في العالم ،
ولكن ها قد مضى وقت لا بأس به ولم يحدث من ذلك شيء ، فلله الحمد
والمنة ، ونسأل الله أن يتمم على خير وعافية .
الثالثة : مما يطول منه العجب أن
لا أحد من المسلمين ولا من غيرهم من الهيئات الدولية والمنظمات
الإنسانية يتحدث عن المأساة الإنسانية الصامتة للشعب الأفغاني ، الذي
يفقد يوميا أكثر من 400 طفل بريء ولا يوجد في البلد كله إلا مستشفى أو
مستشفيان يخلو من أبسط الضروريات العلاجية ، فضلا عن المدارس والطرق ،
والمساجد ، والجمعيات الإنسانية وغيرها .
نحن هنا نتحدث عن الشعب الأفغاني ، أيا كان نوع الحكومة التي تدير
شؤونه ، كما نتحدث عن أي شعب عربي أو مسلم آخر فيا ليت المؤسسات
والجمعيات والمنظمات الإسلامية وغيرها تلتفت إلى هذه المعاناة ، وترسل
الوفود لدراسة أحوال الشعب ، وكيفية الوقوف معه .
إن إنسانا واحدا يموت أهم من أي تراث يزعمونه ويتحدثون عنه ، فكيف
تجاهلنا وفاة الملايين من المسلمين ، وأقمنا المآتم على حجارة تم
تدميرها ؟
نسأل الله أن يكشف الكربة عن المسلمين في أفغانستان ، وفي كل مكان ،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
أخوكم
سلمان بن فهد العودة