الإجابة:
الحمد لله
هذا الحديث الذي أشار إليه السائل رواه البخاري (218) ومسلم (292) عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : « مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال :
إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستتر من
البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها
نصفين فغرز في كل قبر واحدة ، قالوا : يا رسول الله ، لم فعلت هذا ؟
قال : لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا . »
وقد علل بعض العلماء تخيف العذاب عنهما بأن الجريدة الرطبة تسبح الله
تعالى فيكون ذلك سببا لتخفيف العذاب . وهذا فيه نظر .
قال النووي رحمه الله :
وهذا مذهب كثيرين أو الأكثرين من المفسرين في قوله تعالى : { وإن من شيء إلا
يسبح بحمده } [الإسراء:44].
قالوا : معناه وإن من شيء حي , ثم قالوا : حياة كل شيء بحسبه فحياة
الخشب ما لم ييبس , والحجر ما لم يقطع . وذهب المحققون من المفسرين
وغيرهم إلى أنه على عمومه اه .
أي أن التسبيح ليس خاصا بالرطب دون اليابس فكل شيء من رطب ويابس يسبح
بحمد لله تعالى .
وقد استنكر الخطابي ومن تبعه وضع الناس الجريد ونحوه في القبر عملا
بهذا الحديث وقال عن هذا الحديث : هو محمول على أنه دعا لهما بالتخفيف
مدة بقاء النداوة , لا أن في الجريدة معنى يخصه , ولا أن في الرطب
معنى ليس في اليابس اه .
وعلى هذا ، يكون ذلك خاصا بالرسول صلى الله عليه وسلم ، فلا يستحب
لأحد أن يضع جريدة ولا غيرها على القبر .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
" إن وضع النبي صلى الله عليه وسلم الجريدة على القبرين ورجاءه تخفيف
العذاب عمن وضعت على قبريهما واقعة عين لا عموم لها في شخصين أطلعه
الله على تعذيبهما ، وأن ذلك خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وأنه لم يكن منه سنة مطردة في قبور المسلمين وإنما كان مرتين أو ثلاثا
على تقدير تعدد الواقعة لا أكثر ، ولم يعرف فعل ذلك على أحد من
الصحابة ، وهم أحرص المسلمين على الاقتداء به صلى الله عليه وسلم ،
وأحرصهم على نفع المسلمين ، إلا ما روي عن بريدة الأسلمي : أنه أوصى
أن يجعل في قبره جريدتان ، ولا نعلم أن أحدا من الصحابة رضي الله عنهم
وافق بريدة على ذلك " اه .
وقال الشيخ ابن باز :
" لا يشرع ذلك بل هو بدعة ؛ لأن الرسل صلى الله عليه وسلم إنما وضع
الجريدة على قبرين أطلعه الله سبحانه على عذاب أصحابهما ولم يضعها على
بقية القبور ، فعلم بذلك عدم جواز وضعها على القبور ؛ لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو
رد » .
وفي لفظ لمسلم : « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد
» .
وهكذا لا تجوز الكتابة على القبور ولا وضع الزهور عليها للحديثين
المذكورين ؛ وأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن تجصيص القبور والبناء
عليها والقعود عليها والكتابة عليها " اه .
مجلة البحوث الإسلامية (68/50).