شرح الحديث: "من رأى منكم منكراً فليغيره..."

السؤال: في أحد الأيام الماضية كنت أستمع إلى محاضرة من إذاعة موريتانيا، فسمعت المحاضر يسأل عن الحديث: "من رأى منكم منكرا فليغيره..."، فقال: بيده للحكام، وبلسانه للعلماء، وبقلبه لعامة الناس؟

الإجابة

الإجابة: هذا الجواب غير صحيح، والحديث أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطابه لأمته: "من رأى منكم"، وهذا الخطاب لكل الأمة والمقصود بالرؤية من بلغه ذلك حتى لو كان أعمى، فبلغه الخبر، أو نقل إليه فإنه قد رآه بذلك لأن المقصود بالرؤية حصول العلم، "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده"، أي ليحل بين صاحبه وبين النار وهذه مهمة الأنبياء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد ناراً حتى إذا أضاءت ما حوله جعل الفراش يتساقط فيها وهذه الدواب، فجعل ينفيهن بيده وهن يقتحمن فيقعن فيها، ألا وإني ممسك بحجزكم عن النار".

ولا شك أن المحاضر لو رأى إنساناً يريد قتل آخر لحاول أن يمنعه من ذلك، ولو رأى إنساناً يريد سرقة مال إنسان لحال بينه وبين ذلك، فلذلك الكلام مبتور عن العمل هنا.

ومن هنا نعلم أن الأمر لكل الناس، كل من رأى منكر يجب عليه تغييره بما يستطيع، لكن لا شك أن أيسر الوسائل وأسهلها مقدم على العسر، فما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، إذا كان السارق سينكف بقولك له: "اتق الله"، فلا شك أن ذلك أولى من أن تضربه، فعمل اللسان هنا أولى من عمل اليد، لأنه أيسر منه، وهكذا فإذا كان المنكر سيغيره القول فلا تتعدى القول، وإذا كان سيغيره الفعل فقد يكون الفعل واجباً متعيناً عليك كمنكر أولادك وأهل بيتك الذين هم تحت يدك، وقد يكون متعيناً عليك أيضاً كما إذا كنت الوحيد الذي اطلعت عليه رأيت إنساناً في خلاء يقتل إنساناً أو يريد سرقة ماله أو غير ذلك من المنكرات تعين عليك تغيير المنكر باليد.

أما إذا كنت في ملأ فهو فرض كفاية من رآه من المسلمين وجب عليهم، فإن قام بعضهم به سقط الخطاب عن الآخرين وإن لم يقم به أحد أثموا جميعاً.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.