حكم ستر المرأة لقدميها في الصلاة

سماحة الشيخ سمعناكم ذات مرة تتحدثون في جواب عن صلاة المرأة وهي تصلي دون ستر يديها وقدميها أنها لا بد أن تعيد صلاتها كلها، فأرجو الإفادة حول هذا الموضوع، وكيف؟ علماً بأننا مستقيمون على دين الله وتطبيق شريعته منذ زواجنا في (84م)، ومن يوم أن سمعنا تلكم الحلق

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن العلماء -رحمة الله عليهم- قد نصوا على أن المرأة عورة، وأن الواجب عليها ستر بدنها في الصلاة ما عدا وجهها، وهذا بناء على ما جاء في الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بيان أن المرأة عورة، واختلفوا في الكفين هل تستر أم يعفى عنهما، هل تستران أم يعفى عنهما؟ وأما القدمان فجمهور العلماء على أنهما يستران في الصلاة، وأما الوجه فقد أجمعوا على أنه لا مانع من كشفه، وأن السنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي، يعني رجل غير محرم، فهذا هو المعتمد في هذا الباب: أن المرأة عليها أن تستر بدنها كله ما عدا وجهها وكفيها، والصحيح أن الكفين لا يجب سترهما في الصلاة لكن سترهما أفضل، خروجاًَ من خلاف من أوجب سترهما، وأما القدمان فالواجب سترهما عند جمهور أهل العلم؛ لأن المرأة عورة وهما من العورة ولا داعي إلى كشفهما، تسترهما بالجورب الجوربين، أو بالملابس الطويلة التي تستر القدمين حال الصلاة، هذا هو الذي سبق مني غير مرة، وبينته لإخواني في هذا البرنامج (نور على الدرب)، أن الواجب على المرأة أن تستر بدنها بالستر الكافي الذي لا يبين معه شيء من بدنها، يكون ستراً كافياً ليس رقيقاً ولا شفافاً بل يكون ستراً يغطي شعرها وبدنها ما عدا الوجه، فإن السنة كشفها له إذا كانت ليس عندها رجل غير محرم، وأما الكفَّان فاختلف العلماء فيهما، والأفضل سترهما فإن كشفتهما فلا حرج، وأما القدمان فمثلما تقدم، سترهما هو الواجب، أما كونها تقضي ما مضى من صلاتها فهذا من باب أنها أخلَّت بالشرط، فإذا كانت صلت صلوات ليست ساترة لقدميها فيها فإن الواجب قضاؤها، لكن إذا كانت جاهلة بالحكم الشرعي فلعلَّ الله -جل وعلا- يعفو عنها فيما مضى، ولا يكون عليها قضاء، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه لما رأى رجلاً يصلي وينقر صلاته دعاه، وقال له، بل جاءه وسلم عليه وقال له: (ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ)، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلَّم على النبي عليه الصلاة والسلام، فرد عليه السلام، ثم قال له: (ارجع فصلِّ فإنك لم تصل)، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء في الثالثة فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه النبي السلام ثم قال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، فعلها ثلاثاً، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق نبياً لا أحسن غير هذا فعلمني، فقال له عليه الصلاة والسلام: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)، متفق على صحته، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد هذه الصلاة الحاضرة، ولم يأمره أن يعيد الصلوات الماضية للجهل، فإن ظاهر حاله أنه يصلي هذه الصلاة فيما مضى، ولكن لما كان جاهلاً عذره صلى الله عليه وسلم في الأوقات الماضية وأمره أن يعيد الحاضر، فدل ذلك على أن من جهل شيئاً من فرائض الصلاة ثم نبه في الوقت الحاضر فإنه يعيد الحاضر، أما التي مضت فتجزئه من أجل الجهل، هذا هو مقتضى هذا الحديث، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر هذا المسيء في صلاته أن يعيد صلواته الماضية، بسبب الجهل وما في ذلك من المشقة، فهكذا التي صلت صلوات كثيرة قبل أن تعلم وجوب ستر القدمين فإنها لا إعادة عليها إن شاء الله على الصحيح؛ لأنها معذورة بالجهل، وإنما تلتزم في المستقبل وتستقيم في المستقبل على ستر قدميها وبقية بدنها، ما عدا الوجه والكفين، كما تقدم، فإنهما ليسا عورة في الصلاة، عند أهل العلم، ولكن إذا سترت الكفين خروجاً من خلاف بعض أهل العلم، فهذا حسن كما تقدم.