حكم أهل الفترة

نعلم أن من كان من أهل الجاهلية -أي قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم- فهو من أهل الفترة، سؤالي: عن أهل الفترة ما حكمهم؛ لأنني سمعت حديثاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أنه جاءه رجل، فقال: أين أبي؟ فقال: في النار! فذهب الرجل يبكي فناداه، فقال: أبي وأبيك في النار) ، فهل هذا الحديث صحيح؟

الإجابة

الصحيح من أقوال العلماء أن أهل الفترة يمتحنون يوم القيامة، ويؤمرون، فإن أجابوا وأطاعوا دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار، وجاء في هذا عدة أحاديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وعن الأسود بن سريع التميمي وعن جماعة، كلها تدل على أنهم يمتحنون يوم القيامة، ويخرج لهم عنق من النار، ويؤمرون بالدخول فيه، فمن أجاب صار عليه برداً وسلاماً، ومن أبى التف عليه وأخذه وصار إلى النار، نعوذ بالله من ذلك. فالمقصود أنهم يمتحنون، فمن أجاب وقبل ما طلب منه وامتثل دخل الجنة، ومن أبى دخل النار، هذا هو أحسن ما قيل في أهل الفترة. وأما حديث (أبي وأباك في النار) فهو حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه (أن رجلاً قال: يا رسول الله أين أبي؟ قال: في النار، فلما ولى دعاه فقال: (إن أبي وأباك في النار) واحتج العلماء بهذا أن أبا النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ممن بلغته الدعوة وقامت عليه الحجة، فلهذا قال: (في النار) ولو أنه كان من أهل الفترة لما قيل له هذا، وهكذا لما أراد أن يستغفر لأمه -عليه الصلاة والسلام- نهي عن ذلك، نهي أن يستغفر لها، ولكنه أذن له أن يزورها، ولم يؤذن له بالاستغفار لها، فهذا يدل على أنهما بلغتهما الدعوة، وأنهما ماتا على دين الجاهلية الكفر، وهذا هو الأصل في الكفار أنهم في النار، إلا من ثبت والله يعلم أحوالهم أنه لم يبلغهم الأمر ما بلغتهم دعوة الرسل فهذا هو صاحب الفترة، من كان في علم الله أنه لم تبلغه الدعوة فالله -سبحانه وتعالى- أحكم الحاكمين، هو الحكم العدل فيمتحنون يوم القيامة، أما بلغته الدعوة في حياته دعوة الرسل كدعوة إبراهيم وموسى وعيسى وعرف الحق ثم بقي على الشرك بالله فهذا ممن بلغته الدعوة فيكون من أهل النار لأنه عصى واستكبر عن اتباع الحق، والله -جل وعلا- أعلم. بارك الله فيكم