الجهر بقراءة القرآن إذا شوش على من حوله

السؤال: سائل يسأل بقوله: لي جار حريص على فعل الخير، ويتقدم إلى المسجد، ويقرأ القرآن، ويجهر بالقراءة، حتى يشوش على الذين يقرءون، وعلى الذين يصلون، وعلى من يذاكرون دروسهم، وطلبنا منه أن يخفض صوته، فلم يقبل. وقال: هاتوا لي دليلاً، فنرجو من فضيلتكم إفادتنا عن حكم هذه المسألة.

الإجابة

الإجابة: عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، وهو في قبة له، فكشف الستر وقال: "كلكم مناج ربه، فلا يؤذ بعضكم بعضاً، ولا يرفعن بعضكم على بعض بالقراءة"، أو قال: "في الصلاة" (رواه أحمد وأبو داود) (1)، وعن البياضي واسمه عبد الله بن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: "إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن" (رواه أحمد) (2)، وعن علي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يرفع الرجل صوته بالقراءة قبل العشاء، أو بعدها، يغلط أصحابه وهم يصلون (رواه أحمد وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان") (3).

وصرح الفقهاء رحمهم الله أنه يحرم رفع الصوت بقراءة تغلِّط المصلين، إذا تحقق أن ذلك يؤذيهم ويشوش عليهم، فإن لم يتحقق الإيذاء، فهو مكروه، وإن تحقق فهو حرام.

قال في (الغاية وشرحها): ويتجه أي: تحريم رفع الصوت بقراءة تغلِّط المصلين للإيذاء.

قال الشيخ تقي الدين بن تيمية (4): ليس لهم الجهر بالقراءة إذن، وهو متجه. وفي (الحاشية): ولعل مراد من قال بالكراهية، فيما إذا لم يتحقق الإيذاء، فإن تحقق حرم. انتهى.

فعلى جاركم الحريص على فعل الخير كما ذكرتم، تأمل ما ذُكر، والله الموفق.

___________________________________________

1 - أحمد (3/ 94)، وأبو داود (1332).
2 - أحمد (4/ 344).
3 - أحمد (1/87)، و (تاريخ أصبهان) (2/91).
4 - مجموع الفتاوى (23/ 61- 64).