العمل بالكتاب والسنة

السؤال: ما معنى هذا النظم وهو: "ولا يجوز بالحديث العمل *** ومثله القرءان فيما نقلوا".

الإجابة

الإجابة: هذا الكلام مما لا تحل قراءته أصلاً هكذا، فلا يمكن أن يأتي إنسان فيقول: "لا يحل لكم أن تعملوا بكلام ربكم الذي أرسل به الروح الأمين، وأرسل به خير الرسل إليكم" فمن هذا الذي يشرع بين الله وبين عباده وينهاهم عن أن يعملوا بما أمرهم الله به؟!!! وكذلك من الذي ينصب نفسه حكماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول لأمته: "لا يحل لكم أن تعملوا بما أتاكم به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من عند الله"؟!!!

إن هذا مما يُستحى من النطق به أصلاً، وأصل ذلك التوسع في العبارة، فإن أهل العلم يذكرون أن بعض الأحاديث والآيات التي لا يعرف الإنسان معناها أو لا يدرك دلالتها فإنه يسأل عنها أهل الذكر حتى يفهمها ثم يعمل بها بعد ذلك، وكذلك من ليس من أهل اللغة فلا يمكن أن يعمل بالقرآن بالمباشرة حتى يسأل أهل الذكر عن معناه، لكنه إذا سألهم فإنما يعمل بالقرآن لا بكلامهم، لأنهم ليس لهم حق التشريع وإنما لهم حق البيان فقط، فأهل العلم ما لهم إلا حق البيان لكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا بينوا أخذ الإنسان بالبيان وعمل بالقرآن فهذا هو المقصود، وكذلك الأحاديث.

والراجح لدى الأصوليين من كل المذاهب أنه يجب العمل بالحديث والقرآن قبل البحث عن المعارض، معناه سواء كان في هذه المسألة حديث آخر صحيح ينهاك أن تفعلها لكنك أنت إنما أتاك الحديث الآمر بها فاعمل بما أتاك من الأمر حتى يأتيك الناسخ له أو حتى يأتيك المعارض، فلا يجب عليك البحث عن المعارض أصلاً، وما يوسوس به الشيطان إلى بعض طلبة الفقه فيزعمون أن هذا الحديث يمكن أن يكون له معارض أو أن هذه الآية يمكن أن تكون منسوخة يقال لهم: نحن جاءتنا موعظة من ربنا فيجب علينا أن نعمل بها، ثم إذا جاء المعارض عملنا، كحال أهل قباء حين أتاهم الرجل فقال: "أشهد لقد صلى رسول الله عليه وسلم إلى الكعبة" فاستداروا كماهم إلى القبلة، فالله تعالى يقول: {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله}.

فعلى المؤمن إذا أتاه أمر من الله أو من رسوله صلى الله عليه وسلم وفهمه أن يعمل به ولو كان الأمر محل خلاف بين العلماء، لأن العمل بالراجح واجب لا راجح، والراجح ما عرفت دليله ولو جهلت دليل المخالف فإنك مطالب فقط بالعمل بما علمت، أما إذا علمت الدليلين وتعارضا لديك فحينئذ تحتاج إلى أن تسأل أهل الذكر وأن ترجع إلى أهل العلم في تلك المسألة.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.