حكم تمضمض الصائم لأجل الحر والعطش

السؤال: هل يجوز للإنسان أن يتمضمض وهو صائم، من غير أن يكون قاصدا الوضوء للصلاة، وإنما حمله على ذلك الحر والعطش؟ وإذا تمضمض في هذه الحال ودخل الماء إلى حلقه من دون قصد فهل يفطر بذلك أم لا؟ وإذا تمضمض ومَجَّ الماءَ من فمه كله، ولم يبق في فمه شيء من الماء، فبلع ريقه بعد ذلك. وفيه شيء من أثر المضمضة: فهل يفطر بذلك أم لا؟ أفتونا مأجورين.

الإجابة

الإجابة: الحمد لله وحده. إذا تمضمض الصائم أو استنشق فدخل الماء حلقه -بلا قصد- لم يفطر، ولو زاد على ثلاث مرات، أو بالغ فيهما، وسواء كان ذلك للوضوء، أو عن تنجس فمه بدم ونحوه؛ لأن الماء وصل إلى حلقه بلا قصد فأشبه الغبار إذا طار إلى حلقه بدون قصد.

لكن هل يجوز له ذلك أم لا؟
الذي نص عليه الفقهاء رحمهم الله أنه يكره للصائم أن يتمضمض، أو يستنشق عبثا من دون سبب، أو إسرافا. وكذلك إذا أصابه حر أو عطش فتمضمض؛ لدفع ذلك فإنه مكروه. نص عليه الإمام أحمد. وقال: يرش على صدره أحبُّ إلي (1) وكذا لو غاص الصائم في ماء فدخل الماء إلى حلقه، لم يفطر؛ لأنه لم يقصده. ولا يكره اغتسال الصائم لحر أو عطش؛ لقول بعض الصحابة: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب على رأسه الماء وهو صائم، من العطش أو الحر (رواه أبو داود) (2)، قال المَجْدُ: ولأن فيه إزالة الضجر من العبادة، كالجلوس في الظلال الباردة.

ولو بلع الصائم ريقه بعد ما مج الماء الذي تمضمض به كله، ولم يبق في فمه شيء، أو بلع ما على لسانه من ريق أخرجه -ولو كثر- لم يفطر. وكذا لو بلع قليل ريق عَلِقَ -على نحو درهم- أو خيط أدخله في فمه، ثم أعاده إلى فمه لم يفطر؛ لمشقة التحرز منه.

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

___________________________________________

1 - نقله ابن قدامة في (المغني) (4/ 357).
2 - أخرجه أحمد (5/ 408)، وأبو داود (2365) من طريق مالك عن سمي عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.