علاج الوسواس

كيف يكون باستطاعة المسلم إبعاد وساوس الشيطان عنه، وبأي شيء يقاوم هذه الوساوس، هل بالدعاء أم بقراءة القرآن؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى والله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فجوابنا لك يا أيتها الأخت لله في محبتك في الله، أقول أحبك الله الذي أحببتني له، وأسأل الله أن يجعلنا وسائر إخواننا من المتحابين في جلاله، والمتواصين بالحق والصبر عليه، فقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمامٌ عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجلٌ قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك، وتفرقا عليه، ورجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)، هذا الحديث متفق على صحته، وذكر فيه رجلين يتحابا في الله اجتمعا على وتفرقا عليه، وأنه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهذا تمثيل، وهو يشمل الرجلين، والمرأتين والرجل والمرأة، إذا كان الحب في الله -جل وعلا- وفي طاعته -جل وعلا-، كذلك ذكر رجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، كذلك المرأة إذا دعاها ذو منصب وجمال، فقالت: إني أخاف الله تكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منهم من تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفقه يمينه، وهذا فيه الحث على إخفاء الصدقة، وأن تكون سراً بين العبد وبين ربه، يرجوا ثوابه، ويخشى عقابه، ولا شك أن ذلك أكمل في الإخلاص، وأبعد عن الرياء، ولأن بعض الفقراء يستحي أن يعطى والناس ينظرون، فإذا أعطاه أخوه في الله صدقةً سرية كان أكمل في الإخلاص، وكان أرفق بالمعطى، كما أنه ذكر في السبعة رجلٌ قلبه معلقٌ بالمساجد، وهذا يدل على أن العناية بالمساجد والمحافظة على الصلاة فيها من أهم المهمات، وأن من اعتنى بالمساجد وحافظ على الصلاة فيها مع إخوانه في الله فهو من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وصح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال أيضاً: (يقول الله يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)، أما وصيتي لكِ، فإني أوصيكِ بتقوى الله؛ لأن التربية أمرها عظيم، وهي تربية الأجيال من الفتيات، وهكذا التربية للرجال من أهم المهمات، وهي أساس عظيم إن كانت التربية صالحة نفعت المربى، وإن كانت سيئة ضرت المربى، فنوصيك بتقوى الله في ذلك، وأن تربي من لديك على طاعة الله ورسوله على الحب في الله، والإخلاص لله، والاستقامة على دين الله، والمحبة في الله، والكراهة في الله تربينهم على حب القرآن، والإكثار من تلاوة القرآن، وتدبر معانيه تربينهم على حب السنة، سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحفظ على التأسي به وأن إتباعه -صلى الله عليه وسلم- من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، ومن أسباب محبة الله للعبد، كما قال الله سبحانه: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (31) سورة آل عمران، ْفمن أهم المهمات تربية البنات، وتربية البنين على حب الله ورسوله والإخلاص لله في العمل، وتعظيم القرآن والإكثار من تلاوته، وتعظيم السنة، سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والتشجيع على حفظ ما تيسر منها؛ لأن هذا الدين مبني على الكتاب والسنة، فالإسلام هو ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- من توحيد الله، والإخلاص له، والشهادة بأنه لا إله إلا الله، أي لا معبود حقٌ إلا الله، والشهادة بأن محمدٌ رسول الله، أرسله الله إلى الناس عامة، للجن والإنس، وختم به المرسلين فمن اتبعه واستقام على دينه، فله الجنة والكرامة والسعادة في الدنيا والآخرة، ومن أعظم التربية، التربية على حب الصلاة، وتعظيم الصلاة، والمحافظة عليها في أوقاتها من الرجال والنساء، فيربى الفتيات على حب الصلاة، والمحافظة عليها في أوقاتها، والعناية بما شرع الله فيها، وهكذا المربي الأستاذ يربي أطفاله وتلاميذه على تعظيم الصلاة وحبها، وأدائها في الجماعة، والمحافظة عليها، والخشوع فيها لله -عز وجل-، وهكذا يربى الصبي والفتاة كلٌ منهما يربى على كثرة الذكر لله، والإكثار من تسبيح الله وتحميده، وتكبيره، ودعاءه، والاستغفار، يربى الطفل والطفلة على كثرة الذكر، كما قال الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا)(41) سورة الأحزاب ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (سبق المفردون! قيل يا رسول الله: ما المفردون؟، قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات)، فيربى الطفل والطفلة على كثرة ذكر الله لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، "سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله"، "سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"، ويربى على الضراعة إلى الله وسؤال الله العافية والتوفيق لما يحب ويرضى، والمغفرة للذنوب، يربى الطفل والطفلة على الضراعة إلى الله في الدعاء والحرص على دعائه -جل وعلا- وطلب العافية منه، والسلامة، وصلاح القلب، والعمل، والتوفيق لكل ما يحبه ويرضاه -سبحانه وتعالى-، ومن التربية: حث الطالب والطالبة على حفظ الوقت، هذا من أعظم التربية أن يحفظ الوقت، وأن لا يضيعه فيما لا ينفع، والطالب يحفظه في حفظ دروسه، في مراجعتها في طاعة والديه، وبر والديه، في التعاون مع أهل بيته في الخير، في ترك ما لا ينبغي من السب، والشتم، والكذب، أو صحبة الأشرار، أو التخلف عن الصلاة، أو ما أشبه ذلك، فالتربية على حفظ الوقت وطاعة الله والإكثار من ذكره، وصحبة الطيبين، وبر الوالدين، والتعاون مع أهل البيت في الخير والصلاح، هذا من المهمات. أما الوساوس فهي لا شك من الشيطان، كما قال -جل وعلا- في كتابه العظيم: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) سورة الناس(1-4)، وهو الشيطان فهي من عدوِّ الله، ودوائها الاستعاذة بالله من الشيطان، هذا دوائها الاستعاذة صدقاً بالله، تقول اللهم أعذني من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، صادقاً مخلصاً لله تعلم، أنه هو الذي يعيذها -سبحانه وتعالى-، وهو القادر على أن يقيك شره، وهو القائل -سبحانه- :(وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ)، فأوصيك بالاستعاذة بالله من الشيطان عند كل وسوسة، مع ذكر الله -سبحانه وتعالى- ومع استحضار أن هذا العدو لا يريد إلا إهلاكك، وإهلاك جميع المسلمين، فلا بد من الحذر منه غاية الحذر، وذلك بالتعوذ بالله منه، وهو القادر-سبحانه وتعالى- أن يعيذك ويعيذ غيرك منه، فأكثري من التعوذ بالله من الشيطان، مع الإكثار من ذكر الله -سبحانه- وبذلك تسلمين من عدو الله ومكائده، وإذا عرضك في الصلاة، فلا مانع من أن تنفثي عن يسارك(ثلاث مرات) قائلة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، كما أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- عثمان بن أبي العاص، لما أخبره أن الشيطان لبس عليه صلاته أمره أن ينفث عن يساره (ثلاث مرات)، وأن يستعيذ بالله من الشيطان، قال عثمان: ففعلت، فسلمني الله من شره، فإذا كان يعرض في الصلاة، فانفثي عن يسارك التفتي يسيراً، وانفثي عن يسارك قائلة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (ثلاث مرات)، ويزول -إن شاء الله- وبكل حال فعلاج هذا العدو هو اللجأ إلى الله الذي يملك كف شره لا يملك كف شره سواه -سبحانه وتعالى-، فاللجأ إلا الله في كف شر هذا العدو بالتعوذ بالله من الشيطان، ومن الإكثار من ذكر الله -عز وجل-، وبطلبه -سبحانه- السلامة من مكائد هذا العدو هذا هو الطريق وهذا هو العلاج، والله والمسئول أن يوفقك لما فيه رضاه، وأن يعيذك من مكائد الشيطان، وأن يمنحك العلم النافع والعمل الصالح، وأن يثبتنا وإياك وسائر إخواننا، وأخواتنا في الله على الحق والهدى، حتى نلقاه -سبحانه-. جزاكم الله خيراً