التوفيق بين: "اخشوشنوا" و إظهار أثر النعمة على العبد

السؤال: كيف يمكننا التوفيق بين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخشوشنوا فإن الحضارة لن تدوم"، وبين قوله تعالى: {وأما بنعمة ربك فحدث}، وبين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده"، وجزاك الله خير الدنيا والآخرة.

الإجابة

الإجابة: أولاً: الحديث ليس بهذا اللفظ، وإنما: "اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم"، وقد تكلم العلماء في هذا الحديث وضعَّفوه، ولا يثبت رفعه للنبي صلى الله عليه وسلم.

وعلى القول بصحته كما ذكر ابن حبان رحمه الله حيث أخرجه في صحيحه، فلا معارضة بين هذا الحديث وبين الآية أو الحديث الذي ذكرته الأخت السائلة، فإن حديث: "اخشوشنوا" قد يكون موجهاً لأناسٍ جعلوا سيرتهم وحياتهم هو العيش في الترف والإسراف، فجاء التنبيه بهذا: "اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم"، ثم هو أيضاً يُحمل على أن في الوقت الذي يُظهر الإنسان نعمة الله جل وعلا عليه حيث يحب الله جل وعلا أن يرى أثر نعمة عبده عليه فإنه لا يتعارض مع استعداد المسلم لذهاب هذه النعم لو قدّر الله عليه ذهابها، فيكون قد تعوّد على الحياة الخشنة والحياة البعيدة عن الترف ولا يلزم أن تكون حياته دائماً كذلك، ولهذا فأرى أن يُحمل الأمر على ذلك.

ثم إن قوله: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:11]، فليست خاصة بالنعم الحسية المادية فقط فأعظم النعم هي نعمة الإسلام، والنعم المعنوية أعظم من النعم الحسية: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} في أيِّ نعمة، نعمة الإسلام، نعمة الخَلْق، نعمة الصحة، نعمة السعادة، نعمة المال، نعمة السكن، فمثلاً الذي وهبه الله مالاً يحب الله أن يرى أثر نعمته عليه بالكرم والإنفاق على الفقراء والمساكين وليس بالمسكن فقط أو بالمركوب أو بالملبوس فإن أثر النعمة لا يقتصر على ذلك كما يبدو من فهم الأخت السائلة.

فلهذا فأقول إن الآية والحديث في ظهور أثر النعمة أعمّ من أن يكون في المأكول أو الملبوس أو المشروب أو المسكن، بينما: "اخشوشنوا" قد يتعلق بشيءٍ من ذلك فلا تعارض إذن بين هذا الحديث وبين ما ذكرته الأخت، وكلٌّ يُحمل في مجاله وفي موضعه هذا على قول بصحته، ولكن الذي يظهر أنه إلى الضعف أقرب، ولا يثبت رفعه، مع صحة معناه ودلالته، والله أعلم.



من أسئلة لقاء ركن الأخوات بفضيلة الشيخ.