عندما أقول للمأمومين: "تراصوا" يغضبون

السؤال: أنا إمام مسجد، أشكو من عدم تسوية المصلين صفوفهم عند إقامة الصلاة، فعندما أقول: "تراصوا" يغضبون، بل والعياذ بالله ترتفع أصواتهم في المسجد، ويزعمون أن الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله لم يفعل ذلك، فنرجو من فضيلتكم إرشادهم ونصحهم؟

الإجابة

الإجابة: المشروع للإمام إذا أقيمت الصلاة أن يستقبل المأمومين بوجهه ويأمرهم بإقامة الصفوف والتراص، ودليل ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: "أقيموا صفوفكم وتراصوا" (أخرجه البخاري ومسلم)، ولما رأى رجلاً بادياً صدره في الصف قال: "عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" أي بين قلوبكم كما في رواية لأبي داود، فتوعدهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يسووا صفوفهم أن يخالف الله بين قلوبهم، وقال النعمان بن بشير رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسوي -يعني الصفوف- إذا قمنا للصلاة، فإذا استوينا كبَّر (رواه أبو داود)، وفي الموطأ -موطأ الإمام مالك بن أنس- أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يأمر بتسوية الصفوف فإذا جاؤوا فأخبروه أن الصفوف قد استوت كبَّر، وكان قد وكل رجالاً بتسوية الصفوف، وقال مالك بن أبي عامر: كنت مع عثمان بن عفان فقامت الصلاة وأنا أكلمه يعني في حاجة حتى جاء رجال كان قد وكلهم بتسوية الصفوف فأخبروه أن الصفوف قد استوت فقال لي استوفي الصف ثم كبَّر.

فهذا عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمل الخليفتين الراشدين عمر وعثمان رضي الله عنهما لا يكبرون للصلاة حتى تستوي الصفوف، وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}، وإذا فرط في هذا الأمر من فرط من بعض أئمة المساجد فإن السنة أحق بالاتباع.

ووأما من قال: إن الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله لا يفعل كذلك.

فأنا أشهد على الشيخ رحمه الله أنه كان يتلفت إذا أقيمت الصلاة يميناً وشمالاً، فإذا رأى تقدماً أو تأخراً قال: "تقدموا يا طرف الصف" أو "تأخروا".

هذا وأسأل الله للجميع التوفيق لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثالث عشر - باب أحكام الصفوف.