حد طول اللحية وحكم تقصيرها أو حلقها

ما هي السنة في طول اللحية، ودليل ذلك، وهل من قصر لحيته يعتبر عاصياً، وهل هي من المعاصي الكبيرة أو من الصغائر، وتعليقكم على هذا بكل وضوح؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابة

اللحية يجب إعفاؤها وتوفيرها، وليس لذلك حد في أصح قولي العلماء، بل الواجب إعفاؤها وإرخاؤها وتوفيرها، لما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قصوا الشوارب وأعفو اللحى، خالفوا المشركين)، وفي اللفظ الآخر: (قصوا الشوارب ووفروا اللحى، خالفوا المشركين)، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس)، ولم يحدد حداً عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن الواجب إرخاؤها وتوفيرها وعدم قصها، لا يجوز قصها ولا حلقها، ولو طالت ليس له قصها وليس له حلقها عملاً بهذه الأحاديث الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ ولأن في ذلك مخالفة لأهل الشرك، وبعداً عن مشابهة النساء، أما ما روى الترمذي رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه السلام كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها، فهو حديث غير صحيح عند أهل العلم، وفي إسناده متهم بالكذب وهو عمر بن هارون البلخي، فهو حديث باطل ليس بصحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومع بطلانه هو مخالف للأحاديث الصحيحة التي ذكرناها آنفاً، فلا يجوز التعويل عليه ولا التشبث به، وأما ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يأخذ من لحيته في الحج والعمرة من طولها ما زاد على القبضة، ويتأول قوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ (29) سورة الحج، فهذا من رأيه واجتهاده، كان يقبض عليها فما خرج من بعد القبضة من أسفل اليد قصه في حجه وعمرته، ويرى أن ذلك من تأويل قوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ، وهذا ليس بصحيح؛ لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة، والله يغفر له رضي الله عنه هذا اجتهد فيه رضي الله عنه، والمعول على السنة على كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وما عارض كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا يعول عليه، وقصارى ذلك أن يقال: عفا الله عنه، اجتهد فأخطأ والله يعفو عنه. - يسأل سماحة الشيخ: هل الأخذ منها أو حلقها أو تقصيرها يعتبر من الصغائر أو من الكبائر؟ ج/ هو معصية لله عز وجل، أما كونه من الكبائر محل نظر، لكنه من المعاصي التي حرمها الله جل وعلا، ونهى عنها نبينا صلى الله عليه وسلم، أما كون ذلك من الكبائر فقد يقال أنه من الكبائر لأنها تشبه بأهل الشرك، والنبي عليه السلام: (من تشبه بقوم فهو منهم)، وهذا وعيد عظيم، وقد يقال أنها من الصغائر لأنه لم يرد فيها وعيد ولا لعن، والكبيرة عند العلماء ما ورد فيها وعيد بالعذاب أو جاء فيها لعن أو حد في الدنيا. فالحاصل أنها محتملة أن تكون كبيرة، ومحتملة أن تكون صغيرة، ليس هناك دليل واضح فيما أعلم يقتضي أنها كبيرة، فالواجب طاعة الله ورسوله، سواء كانت المعصية كبيرة أو صغيرة، يجب الحذر من معصية الله سبحانه وتعالى.