ما صحة حديث(أبي وأبيك في النار) وشرحه

سمعت من أحد العلماء الأفاضل هذا الحديث ونسأل عن صحته، وإذا كان صحيحاً فمن هو والد النبي المقصود بالحديث، ولماذا ينطبق عليه هذا الكلام؟ نص الحديث: (دخل يهودي على النبي-صلى الله عليه وسلم- وسأله: يا محمد! أين أبي؟ وكان أبو اليهودي ميتاً، فقال له الرسول: إن أباك في النار. فلما تغير وجه اليهودي قال له النبي: أبي وأبيك في النار!).

الإجابة

هذا الحديث صحيح ثابت في صحيح مسلم, عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه جاءه رجل فسأله, وليس في الحديث أنه يهودي, وإنما سأله إنسان والظاهر أنه من المسلمين الذين آباؤهم ماتوا في الجاهلية, أو بعد الدعوة ولكنه لم يسلم, فسأله قال: أين أبي؟ قال: (إن أباك في النار)، فلما راء ما في وجهه من التغير قال : ( إن أبي وأباك في النار), يخبره أن الأمر ليس خاصاً بأبيه بل كل من مات على الجاهلية وهو من أهل النار؛ لأنه مات على كفره بالله إلا من ثبت أنه من أهل الفترة ولم تبلغه رسالة ولا دعوة فهذا أمره إلى الله، لكن حكمه في الدينا حكم الكفار حكم الجاهلية لا يغسل, ولا يصلى عليه حكم الجاهلية, لكن إذا كان في نفس الأمر لم تبلغه دعوة ولا رسالة فهذا له حكم أهل الفترات يمتحنون يوم القيامة على الصحيح, فمن أطاع دخل الجنة ومن عصى دخل النار، فالحاصل أنه حديث صحيح, لكن ليس فيه أن السائل يهودي فيما أعلم إنما هو من نفس المسلمين الذين مات آباؤهم في الجاهلية, أو بعد ظهور الإسلام لكنه لم يسلم, فقال له النبي: (إن أباك في النار), ثم بين له بقوله إن أبي وأباك في النار؛ لأن والد النبي-صلى الله عليه وسلم-مات في الجاهلية, والنبي حمل لم يولد بعد ذلك, وقيل إنه قد ولد ولكنه صغير جداً, والمشهور أنه مات ونبينا-صلى الله عليه وسلم-حملٌ, ثم ماتت أمه وهو صغير-عليه الصلاة والسلام- ابن خمس سنين أو ست سنين, فالحاصل أن أباه مات في الجاهلية, وهكذا أمه ماتت في الجاهلية, ولهذا قال في حق أبيه: (إن أبي وأباك في النار), والسر في ذلك والله أعلم أنه قد بلغته الدعوة لدين إبراهيم فلهذا حكم عليه بالنار, وأما الأم فقد ثبت عنه-صلى الله عليه وسلم-أنه استأذن ربه ليستغفر لها فلم يأذن له في استغفاره لها, هذا يدل على أن من مات في الجاهلية لا يستغفر له, وله حكم أهل الجاهلية لا يستغفر له, وهو متوعد بالنار إلا من ثبت أنه من أهل الفترة, من كان الله يعلم أنه من أهل الفترة لم تبلغه رسالة, ولا دعوة, ولا علم هذا على الصحيح يمتحن يوم القيامة, فإن أجاب فيما أمر به دخل الجنة, وإن عصا دخل النار.