حكم شد الرحال لزيارة قبر نبي الله هود، وما يقال عنده من الشركيات

تُقام في شهر شعبان في بلدتنا حضرموت زيارة لقبر النبي هود -عليه السلام-، المعتقد أن قبره بالأحقاف حضرموت، إذ تُشد الرحال إلى هناك بمسافة خمس ساعات بالسيارة، حيث يُوفد إلى هناك جمع غفير من الناس تُعد بالألوف المليئة بالاعتقاد الباطل كما نعتقد، حيث يقومون بصعود جبل ويصلوا إلى غرفة في أعلاه بها قبران أو ثلاثة، وينكبون عليها تمسحاً وبكاءاً ودعاءاً وتبركاً، ثم ينزلون ويفعلون ذلك كل يوم لمدة أربعة أيام تقريباً، وهذا ما يشبهونه بالسعي، وجعلوا أماكن شخصوا فيها جسد النبي هود -عليه السلام-، فهناك حصاة يُقال لها: نخرة النبي، أي أنفه! وأخرى ملساء فيها أثر لقدمه وتُسمى (الدحقة)، يبلغ طولها حوالي ثلاثة أذرع، وثالثة يُقال لها: (قدمية)؛ تُعلق النساء اللاتي يُردن أزواجاً حصوات لكي تحصل على زوج، وكذلك تفعل الأم التي تُريد أولاداً، ويقولون من الوعظ في هذه الزيارة: إن السلف من الأولياء قد قاموا بتأسيس هذه الزيارة، وإنهم دعوا إليها مثل الفقية المهاجر أحمد بن عيسى وهكذا ، ويستمر على هذا المنوال في شرحه هذه الصفة شيخ عبد العزيز، في النهاية يرجو توجيهكم ونصحكم، وماذا عليهم أن يعملوا لو تكرمتم؟

الإجابة

أولاً: نبي الله هود -عليه الصلاة والسلام- لا يعرف قبره، ومن يزعمون أنه قبر هود في الأحقاف هناك ليس له أصل، ولا يعرف من القبور التي تنسب للأنبياء سوى قبر نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام-، وقبر الخليل في المغارة المعروفة في الخليل في الشام، فلسطين، وأما قبر هود وصالح ونوح وغيرهم من الأنبياء فلا تعرف قبورهم، وما يدعى أن قبر هود موجود هناك في الأحقاف وأنه ........ كل هذا لا أصل له، وليس بصحيح، ولا يعرف قبر هود ولا قبر غيره من الأنبياء سوى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وكذلك قبر الخليل، المقصود أن هذا الذي يفعلونه منكر، ولا يجوز، بل هو من المحرمات الشركية، فإن دعاء نبي الله هود، والتبرك بالحصى الذي ينسب إلى قبره أو هو من جسده، كل هذا شرك أكبر، فالتماس البركة من ذلك أو الأزواج أو الذرية كل هذا منكر، وكله من المحرمات الشركية، فطلب الأولاد يكون من الله هو الذي يعطي الأولاد -سبحانه وتعالى-، وهكذا يطلب من الله تيسير الأزواج، لا من أحجار تنسب إلى هود أو قبر ينسب إلى هود، بل لا يطلب من هود نفسه -عليه الصلاة والسلام-، فلا يقال له: أعطنا أولاد، أو بارك لنا في الأولاد، لا، هذا إلى الله -سبحانه وتعالى-، وما يفعله الجهلة من هذه الأمور كله منكر يجب إنكاره، ويجب على العقلاء نهيهم عن ذلك، وعلى أهل العلم أن يحذروهم من ذلك، وألا يغتروا بفعل الجهلة وما يقولونه بعض الصوفية، أو بعض عباد الأوثان في هذه المسألة، كل هذا غلط، فالعبادة حق الله، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[الفاتحة: 5]، والله -سبحانه- يبارك وهو الذي تطلب منه البركة -جل وعلا-، ولا تطلب البركة من أحجار، ولا من قبور، ولا من أشجار، ولا من نبي الله هود، ولا من غيره، وقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله جماعة من الصحابة لما رأوا شجرة يتعلق بها المشركون ويعلقون بها أسلحتهم، يرجون بركتها، قالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، قال -عليه الصلاة والسلام-: (الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة)، شبه قولهم اجعل لنا ذات أنواط، بقول بني إسرائيل: اجعل لنا إلهاً، ومعلوم أن اتخاذ الآلهة مع الله كفر أكبر، فلا يجوز أن يتخذ مع الله آلهة لا من الأصنام، ولا من الأشجار، ولا من الملائكة، ولا من الرسل، ولا من سائر الناس، ولا من الجن، بل حق الله أن يعبد -سبحانه وتعالى-، حق الله العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، فهو القائل -سبحانه-: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ[البينة: 5]، وهو القائل -عز وجل-: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ[الإسراء: 23]، وهو القائل -سبحانه-: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ[غافر: 14]، وهو القائل -سبحانه-: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ[الزمر: 2]، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لما سأل معاذًا عن حق الله على العباد قال معاذ: الله ورسوله أعلم، قال: (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً)، أي حق الله على العباد أن يعبدوه وحده، بدعائهم وسؤالهم وصلاتهم وصومهم وذبحهم ونذرهم وطلب البركة كل ذلك إلى الله وحده -سبحانه وتعالى-، وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[البقرة: 163]، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)، وهكذا ما يفعله بعض الجهلة عند قبر نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، من دعاء والاستغاثة به، وطلبه النصر أو المدد، كل ذلك من المحرمات الشركية، وهكذا ما يفعله بعض الناس عند قبر البدوي، أو الحسين بن علي -رضي الله عنه-، أو عند قبر ابن عربي في الشام، أو عند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق، ما يفعله الجهلة في دعائهم والاستغاثة بهؤلاء، وطلبهم المدد، كل هذا من الكفر بالله، ومن الشرك بالله -سبحانه وتعالى-، فالواجب إخلاص العبادة لله وحده، وألا يدعى سواه -جل وعلا-، وألا يطلب النصر من الأموات، ولا من الأشجار والأحجار، ولا المدد ولا الشفاء، كل ذلك يطلب من الله وحده -سبحانه وتعالى-، أما المخلوق يطلب منه ما يقدر عليه إذا كان حياً حاضراً، مو بميت، الميت لا يطلب منه شيء، ....... إنما يطلب من الحي الحاضر إذا كان يقدر، يقول: يا أخي ساعدنا بكذا، أعنا على كذا بما تقدر عليه، أقرضنا كذا، ساعدني على إصلاح البيت على إصلاح السيارة، يقوله له مشافهة أو عن طريق المكاتبة أو الهاتف لا بأس، أما الأموات والأشجار والأحجار والأصنام والنجوم هذه كلها لا تسأل، ولا تطلب شيء، بل ذلك من الشرك الأكبر والعياذ بالله، بل ذلك من عبادتها من دون الله -سبحانه وتعالى-، فيجب على أهل الإسلام أن يحذروا ما حرم الله عليهم، وأن يتفقهوا في دينهم، وأن يسألوا العلماء المعروفين بالسنة، والمعروفين بالعقيدة الصحيحة، على العامة يسألونهم عن دين الله، وعما أشكل عليهم، وألا يعملوا بمجرد العادات والآراء التي يفعلها الجلهة، يقول الله -سبحانه-: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[الأنعام: 162-163]، ويقول -عز وجل-: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ[الكوثر: 1-2]، فالصلاة لله والذبح لله، وهكذا الدعاء، يقول سبحانه: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[الجن: 18]، فهو الذي يدعى ويرجى -سبحانه وتعالى-، وهو الذي يتقرب إليه بالنذور والذبائح والصلاة والصوم ونحو ذلك، نسأل الله أن يوفق المسلمين إلى الصواب في دينهم، وأن يصلح علماء المسلمين وأن يوفقهم لتبصير إخوانهم وتعليمهم ما أشكل عليهم.