الأحاديث القدسية

كثيراً ما أسمع عن الأحاديث القدسية، بودي أن تنوروني بعض الشيء بخصوصها؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابة

الأحاديث القدسية هي التي يرويها الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ربه - جل وعلا - يقال لها أحاديث قدسية ، أي مقدسة منزهة ؛ لأنها من كلام الرب - عز وجل - ، وهي مثل القرآن كلام الله - جل وعلا - ، لكن القرآن معجزة مستمرة ، مأمور الناس أن يتطهروا عند لمس المصحف ، وهو قرآن معجز ، وهو كلام الله - عز وجل - ، وأما الأحاديث القدسية فهي كلام الرب - عز وجل - لكن ليس لها حكم القرآن في وجوب التطهر عند مسها ، بل لها لون آخر ؛ فهي من كلام الرب لكنها غير القرآن الذي هو المعجز المستمر للنبي - عليه الصلاة والسلام - ، فهو معجزة من دلائل النبوة ، وكلام الرب - عز وجل- في الأحاديث القدسية كلام الرب منزه غير مخلوق لكنه ليس من جنس القرآن ، بل القرآن معجزة مستمرة دالة على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وله أحكام غير أحكام الأحاديث القدسية ، والأحاديث القدسية مثل ما ثبت في الصحيح عن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : يقو الله - عز وجل - : (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه). أخرجه الإمام مسلم في صحيحه. هذا الحديث العظيم يسمى حديث قدسياً ، وهو دل على فوائد عظيمة من كلام الرب - عز وجل - كما سمعتم - أيها المستمعون - ، وهو حديث قدسي عظيم دال على تحريم الظلم ، ودل على افتقار العباد إلى ربهم ، وأنهم فقراء إليه ، هو المنعم عليهم ، الذي يهدي من يشاء ، ويطعم من يشاء ، ويغني من يشاء ، ويفقر من يشاء ، والله - سبحانه وتعالى - الذي يغفر الذنوب ، ويستر العيوب - جل وعلا - ، وهو الغني عن عباده ، لا يستطيعون أن يضروه ولا أن ينفعوه ، هو عني عنهم - سبحانه وتعالى -، وهو - جل وعلا - لا تنقصه معاصيهم ، ولا تنفعه طاعاتهم ، فطاعتهم لهم ، تنفعهم ، ومعاصيهم تضرهم ، أما هو - سبحانه - فلا تنفعه طاعاتهم ، ولا تزيده في ملكه شيئاً ، كما أن معاصي الناس لا تنقصه ولا تضره - سبحانه وتعالى - شيئاً. ثم بين - سبحانه - أن العباد لو اجتمعوا في صعيد واحد وسألوا ربهم كلما يريدون من المسائل والحاجات ما نقص ذلك مما عنده شيء - سبحانه - ؛ لأن خزائنه ملآ، لا يضرها شيء - سبحانه وتعالى -. ثم بين سبحانه أن الحاصل والخلاصة أنها أعمالهم ، يحصيها الرب - جل وعلا - لهم ثم يوفيهم إياها ، يعني أجورهم إن كانت طيبة ، أو عقابهم إن كانت سيئاً ، ولهذا قال : (فمن وجد خيراً فليحمد الله). الذي وفقه لطاعته ، وهداه وأعانه ، (ومن وجد غير ذلك) يعني وجد أعماله خبيثة ، توجب النار (فلا يلومنَّ إلا نفسه) لأنه فرط ، وأضاع وتساهل ، وتابع الهوى والشيطان - ولا حول ولا قوة إلا بالله - .