حديث ليس على مستكره طلاق

حدثوني هل صحيح ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس على مستكره طلاق)؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فلا أعلم أنه ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الموضوع ما يوافق هذا اللفظ (ليس على مستكره طلاق) لا أعلم هذا اللفظ في شيء من الروايات، وإنما الوارد قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وقد ضعفه أبو حاتم وجماعة وحسنه آخرون ومعناه صحيح، قال الله جل وعلا: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا (286) سورة البقرة، فقال الله: "قد فعلت"، خرجه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وخرج مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (قال الله تعالى -بعد هذا الدعاء-: نعم) يعني أجاب الدعوة في قوله سبحانه: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فأجاب دعوتهم سبحانه بعدم المؤاخذة بالنسيان والخطأ، وقال الله في كتابه العظيم: مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ (106) سورة النحل، فالمكره على الشرك والمعصية التي لا تتعلق بحق الغير معفوٌ عنه، إذا اطمئن قلبه بالإيمان، وقد كان المسلمون في عهده -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة كانوا يُكرهون ويسمح لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالموافقة ليسلموا من العذاب مع الطمأنينة بالإيمان، فإذا أكره على كلمة الشرك أو كلمة أخرى محرمة بالضرب أو بالتهديد بالقتل ممن يظن أنه يفعل ذلك به ساغ له أن يتكلم أو يفعل ما هو محرم ممنوع لدفع الإكراه؛ لقصد دفع الإكراه مع كون القلب مطمئناً بالإيمان، ولكن ليس له أن يظلم غيره لأجل سلامة نفسه ليس له أن يقتل غيره ليسلم، وليس له أن يظلم غيره ليسلم، إذا علم أن المقتول أو المضروب ليس مستحقاً لذلك، فليس له أن يدفع عن نفسه بظلم غيره، أما أن يتكلم بكلمة محرمة أو فعل محرم متعلق بالله كالسجود لغير الله أو كلمة الكفر أو الذبح لغير الله فهذا لا يلحقه فيه إثم إذا كان مُكرهاً مع طمأنينة قلبه بالإيمان، فلو تكلم بالشرك أو بالسب لله والرسول مكرهاً مع كون قلبه مطمئناً بالإيمان فإنه لا يضره ذلك، الله يعلم السر وأخفى سبحانه وتعالى، وهكذا لو أكره على السجود أو الذبح لغير الله، فإنه لا يكون بهذا كافراً إذا اطمأن قلبه بالإيمان ولم يقصد بالذبح غير الله ولا بالسجود غير الله، وإنما تابعه بصورة الذبح وصورة السجود؛ لأن القلوب إلى الله ليس لهم القدرة على إكراهها، وإنما الإكراه على القول والفعل.