طلاق الغضبان

أنا رجل متزوج من ابنة خالي قبل ستة عشر عاماً ولي منها خمسة أولاد، وقد حدث بعد مرور ثلاث سنوات من زواجنا أن حصلت مشكلة، وكنت وقتها في حالة عصبية ولكني أعي ما أقول، فقلت: أنت طالق ثلاث مرات، وهي ترفض ذلك، وتبين لي بعد ذلك أنها وقت الطلاق كانت حاملاً، وأنا كنت أنوي فراقها إلى الأبد، وبعد يومين جاءت وتوسلت وحاولت العودة ولكني رفضت ذلك، وكررت الطلاق مرةً أخرى، وبعد محاولةٍ منها ومن الأهل، واجتهاد من بعضنا في البحث عن حلٍ في هذا الطلاق، فقد رجعت وعادت الحياة بيننا طبيعية، إلى أن حدث مرةً أخرى وقبل خمس سنوات أن حصلت مشكلة أخرى، فغضبت ولكني أيضاً أعي ما أقول، فقلت لها: أنت السبب في كل هذا فأنت طالق ثلاث مرات، فجاء الجيران، وقال الجميع: فكر في الأطفال ومصيرهم، واعدل عن قرارك؛ لأنك كنت غضباناً، فقلت لهم: أنا في حالةٍ طبيعة، فاشهدوا، فهي طالق ثلاث مرات، وكنت أنوي إيقاع الطلقات الثلاث لئلا تعود الحياة الزوجية بيننا أبداً، علماً بأن الحادثتين الأخيرتين اللتين وقع فيهما الطلاق كانت في طهر جامعتها فيه، لكنها لم تتركني بل ظلت تحاول وتصر على الرجعة، فخوفاً على ديني قررت السفر من بلدي، وهي لا زالت مع أولادها، ومضى الآن خمس سنوات، ولكن بلغني أنها أصبحت مستقيمةً في كل شيء مؤدية لواجبتها الدينية وقد كان في بعدي عنها هذه السنين درساً لها، فهل بعد هذا يجوز لنا الرجوع إلى بعض بحياةٍ زوجية أم لا؟ فهي تمر بوضع سيءٍ جداً من الناحية المادية والاجتماعية، فقد طلب أهلها منها مغادرة بيتهم والخروج منه، وليس لها أحد إلا الله.

الإجابة

هذا في الحقيقة من السائل تساهل لا يليق, وكان الواجب على السائل أن يسأل أهل العلم قبل أن يعيدها إلى بيته, قبل أن يتصل بها لأن الطلاق الآن طلاق منكر, وطلاق مستوفٍ لشروط إيقاع الطلاق, وخصوصاً الطلاق الثاني؛ لأنه طلقها الطلاق الأول بالثلاث أنت طالق, أنت طالق، أنت طالق، وبحالة عصبية، هذه الحالة الأولى إن كان قد اشتد بك أيها السائل الغضب شدة تشبه فيها فاقد الشعور, تشبه فيها المعتوه، اشتد بك الغضب شدة لا تستطيع أن تملك نفسك ولا أن تمتنع من الطلاق، هذا لا يقع على الصحيح لكنك تقول أنك تعي ما تقول وأنك لست في حالة يعني تشبه حال فاقد الشعور, ثم إنك بعدما أشاروا عليك وزال الغضب أبيت إلا أن تعيد الطلاق مرة أخرى ، طلقتها وهي حامل فهي إن لم تطلق بالأول طلقت بالثاني الذي زال معه الغضب, فالواجب عليك فراقها وعدم الرجوع إليها، أما عودتها إليك بعد هذا كله فغلط, وعليك التوبة إلى الله مما فعلت ومن اتصالك بها, عليك التوبة إلى الله, وعليك النفقة على أولادك، يجب أن تنفق عليهم وتقوم بالواجب, وتسكنها وأولادها وتقوم بواجب النفقة عليها وعلى أولادها؛ لأنها تقوم عليهم, وتحضنهم وتربيهم فعليك أن تحسن إلى أولادك, وإلى أمهم لقيامها بخدمتهم وإحسانها إليهم, وعليك التوبة إلى الله مما فعلت, فقد أخطأت خطأً كبيراً حيث أعدتها إليك من دون فتوى شرعية من أهل العلم، والطلاق الأول والثاني، الأول ظاهرة الوقوع؛ لأن ما كان هناك عصبية، ذكرت أنك تعي ما تقول , وأنه ليس هناك شيء قد اشتد معك حتى أفقدك شعورك, أو حتى صرت شبه فاقد الشعور, ثم بعد هذا طلقت عندما أشاروا عليك بالرجوع إليها, وطلقتها طلاقاً مكرراً ثلاثاً هذا كله يدل على أنك راغب في تركها, وأنك حريص على إبعادها, وأنه ليس هناك غضب أزال شعورك, أو جعلك شبه فاقد الشعور, فالذي يظهر لنا من هذا الواقع أنها لا تحل لك, وأن الواجب عليك التوبة إلى الله مما سلف منك, والإحسان إليها, فإذا تزوجت زوجاً شرعياً وطلقها بعد الدخول بها بعد وطأها حلت لك بنكاح جديد لكن لا يكون بالتحليل، نكاح التحليل محرم إذا تزوجها إنساناً ليحللها لك هذا لا يجوز لكن إذا تزوجها إنسان راغب فيها, ثم دخل بها ووطأها ثم طلقها أو مات عنها فإنها تحل لك بعد العدة بنكاح جديد, هذا هو الذي نرى في هذه المسألة وهو ظاهر الأدلة الشرعية والله التوفيق.