هل تجوز زيارة النساء للقبور؟

السؤال: هل يجوز للنساء زيارة القبور، خاصة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله زوارات القبور"؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن زيارة القبور سنة في حق النساء كما هي في حق الرجال، وقد دلت على ذلك نصوص من السنة، منها:

1 - قوله صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة"، فقوله: "فزوروها" شامل للرجال والنساء، ثم إن الحكم معلل بتذكر الآخرة، ولا شك أن النساء بحاجة إلى تذكر الآخرة كالرجال.

2 - قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين سألت عن الدعاء الذي تقوله إذا أتت المقابر: قولي: "السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون"، فلو كانت زيارتهن للقبور محرمة أو مكروهة لما علمها هذا الدعاء.

3 - لما مر صلى الله عليه وسلم في المقابر فوجد امرأة جالسة عند قبر تبكي فسأل عنها، فقيل له: إن ابنها قد مات، قال لها: "يا أمة الله اتقي الله واصبري"، ولم يقل لها: قومي فإن زيارة القبر لا تحل لك.

4 - زيارة أمنا عائشة رضي الله عنها قبر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما بعد موته، ولما قيل لها: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، ثم أمر بزيارتها.

.. وهذا الحكم مشروط بأن يكون غرض المرأة من زيارة القبور تذكر الآخرة والسلام على الموتى والدعاء لهم، وأن تحذر كل الحذر من أن تخرج متبرجة بزينة أو متعطرة أو أن تحدث في القبور معصية من لطم خد أو شق جيب أو الدعاء على نفسها بالويل والثبور.

أما قوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله زوارات القبور"، فالمراد كما قال أهل العلم: من يكثرن من زيارة القبر لأن ذلك يفضي بهن إلى مخالفة الشريعة من مثل الصياح والتبرج واتخاذ القبور مجالس للنزهة وتضييع الوقت في الكلام الفارغ.
قال القرطبي رحمه الله: "اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة، لما تقتضيه الصيغة من المبالغة، ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج، وما ينشأ من الصياح ونحو ذلك".
قال الشوكاني رحمه الله: "وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المعارضة في الظاهر"، والله تعالى أعلم.



نقلاً عن شبكة المشكاة الإسلامية.