أقسم بالله ثلاثا على عدم فعل شيء معين غير أن أباه أرغمه على فعله

لقد حصل في يوم من الأيام أن أقسمت بالله ثلاثاً ألا أعمل هذا الشيء، لكن والدي أصر علي بالعمل ففعلت، ماذا يجب علي؟ جزاكم الله خيراً؟

الإجابة

عليك كفارة اليمين، إذا حلفت أنك لا تفعل هذا الشيء وهو مباح في نفسه كأن حلفت أنك لا تكلم فلانا أو لا تزور فلانا أو لا تأكل طعام فلان، وليس هناك مانع شرعي من زيارته، ولا أكل طعامه، ثم رأيت أن تزوره وتأكل طعامه، أو أكد عليك والدك في ذلك فإنك تكفر عن يمينك، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فمن عجز صام ثلاثة أيام، كما بينه الله في كتابه العظيم في سورة المائدة، وهكذا لو ما ألزم عليك والدك، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح لعبد الرحمن بن سمرة: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها، فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (والله إني إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير) هذه هي السنة، إذا حلفت على شيء ثم رأيت المصلحة في الحنث، فإنك تحنث وتكفر عن يمين بما شرعه الله -عز وجل-، لقوله -سبحانه- في سورة المائدة: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ[المائدة: 89]، فبين -سبحانه وتعالى- أن الكفارة هي ما بينه -جل وعلا-، من إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، يعني عتقها، فمن عجز عن هذا ولم يستطع صام ثلاثة أيام، والناس أعلم بأحوالهم فإذا رأى أن يمينه تشق عليه أو فيها ضرر عليه أو فيها إغضاب لوالده أو لأمه أو نحو ذلك، أو رأى المصلحة في الحنث فيها لأمر آخر كفر عن يمينه وأتى ما هو أفضل وأصلح، إلا أن يكون إثماً فعليه أن يحذر الإثم، كما لو قال: والله لا أشرب الخمر، والله لا أدخن، فإن في هذه اليمين قد أحسن في هذه اليمين، فالواجب عليه تنفيذها وعدم الحنث، ولو قال له والده احنث، ليس له أن يطيع والده ولا غير والده؛ لأن التدخين محرم فيه مضار كثيرة، وشرب الخمر كذلك محرم بالنص من القرآن والسنة، فلا يجوز له أن يعود إليه حتى ولو ما حلف، فالواجب أن يحذر التدخين، ويحذر الخمر ولو لم يحلف، فإذا حلف صار تأكيداً لذلك، فليس له أن يحنث ولو حنث وفعل فعليه كفارة يمين مع الإثم، ومع التوبة إلى الله -سبحانه وتعالى-. وقد قلت في أول السؤال: يا مولاي وهذه كلمة ينبغي تركها؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صح عنه أنه قال: (لا يقولن أحدٌ مولاي فإن مولاكم الله)، وقال للعبد: (لا يقول ربي وليقل: سيدي ومولاي) يقول سيدي الذي هو المالك، فأخذ بعض العلماء أن النهي ليس للتحريم في قول مولاي؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أذن للعبد أن يقول: سيدي ومولاي، فالعبد له شأن، والناس لهم شأن، فالأولى ترك هذه الكلمة، والأحوط تركها، أما المملوك فله أن يقولها لسيده: يا مولاي، أو يا سيدي، لا بأس أن يقول: أو يا عمي كما يقوله الناس، أما أنت وأنت لست مملوكاً فتخاطب الناس بغير هذا، تقول: يا فلان، أو يا أبا فلان، أو يا الشيخ فلان، أو يا طالب فلان، أو ما أشبه ذلك، تخاطبه بالألقاب المعروفة، غير مولاي وغير سيدي، حتى سيدي تركها أولى؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال لما قيل له: يا سيدنا قال: (السيد الله تبارك وتعالى) كره أن يخاطب بها، وإن كان هو سيد ولد آدم -عليه الصلاة والسلام-، وأفضل الناس، لكن خاف أن يغلو فيه، خشي عليهم من الغلو فقال: (السيد الله، قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله -عز وجل-) يعني عبد الله ورسوله، مع أنه سيد ولد آدم، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر)، وأفضل الخلق، ولكن تواضعاً منه -عليه الصلاة والسلام-، وخوفاً على أمته من الغلو أرشدهم إلى أن لا يخاطبوه بقول: يا سيدنا، أما إذا قيل: هو سيد ولد آدم، أو قيل: هو سيدنا فلا بأس من غير خطاب له؛ لأنه قد توفي -عليه الصلاة والسلام-، وكره هذا في حياته أن يخاطب به -عليه الصلاة والسلام-، أما إذا قال واحد منا اليوم: سيدنا محمد، أو اللهم صلي على سيدنا، فهذا لا بأس به لأنه حق، ليس فيه محظور، لكن لا يقال في الأشياء التي وردت وليس فيها ذكر، لا يحدث في أشياء شرعها الله ليس فيها لفظ السيادة، بل يقتصر على الوارد، فلا يقال في الأذان: أشهد أن سيدنا محمداً رسول الله، ولا يقال في الإقامة كذلك؛ لأن هذا لم يرد في الأذان ولا في الإقامة، فيقتصر على ما ورد، يقال: (أشهد أن محمداً رسول الله)، في الأذان والإقامة، وهكذا في التحيات: اللهم صلي على محمد، وهكذا: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله في التحيات، يعني في التشهد، لأن هذا هو الوارد، فالأفضل أن لا يقول ذلك، وهكذا في الأذان؛ لأنه ورد بغير ذكر السيادة، فيقول كما كان المؤذن يقول: أشهد أن محمداً رسول الله، هكذا كان المؤذنون في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه، فعلينا أن نسير على نهجهم في ذلك، هذا هو المشروع لنا، لكن في عرض كلامنا العادي عند ذكر الحديث وعند ذكره صلى الله عليه وسلم اللهم صل على سيدنا محمد أو في الخطبة لا بأس في ذلك ولا حرج في ذلك، من قالها فلا حرج ومن تركها فلا حرج، ولا ينبغي أن يظن في حق من تركها، أنه جافي هذا غلط ومن قالها فلا بأس، ومن تركها فلا بأس، فإن قال اللهم صل على نبينا محمد أو على عبدك ورسولك محمد فكله صحيح وكله طيب، ولو لم سيدنا، وإن قال اللهم صل على سيدنا محمد أو على سيدي فكله حق، لا بأس بذلك كله حق مشروع، وصلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه.