دعوى الحي أن له ديناً على الميت

السؤال: أخبرني أحد الثقات أن رجلاً يطالب أخي بدين لا يعرفون قدره، وكنت أعرف هذا الرجل وهو شخص مستقيم، وعندما جئته أخبرني أنه يطالب أخي بمبلغٍ ليس كبيراً، وأنه مكتوب عنده في دفتره، وهو حوالي خمسة عشر ألفاً، وكانت لدي عشرة آلاف أوقية من تركة أخي فدفعتها له، ولكن بعض الشيوخ أخبروني أنه لا يجوز أن أدفع أي مبلغ من الدين إلا عند القاضي بعد شهادة رجلين عليه ويمين المدعي، وأنه يجب عَلَيَّ قضاء هذا المبلغ، فهل هذا الأمر كذلك؟

الإجابة

الإجابة: الجواب أنه إذا لم يكن له وارث سواك فتصرفت أنت في ماله بأن قضيت منه الدين وأنت المستحق، أنت الوارث مثلاً وحدك أو بقية الورثة كبار وهم يرضون بذلك فإنك غير ضامن ولا يلزمك شيء.

وإن كان له ورثةٌ صغار يتامى فلا يجوز قضاء دينه إلا على الوجه الذي ذُكر، بأن يُثبت ذلك الدين لدى القاضي وذلك بشهادة عدلين ويمين القضاء، وهي يمين تلزم كل من ادعى على ميت حتى بعد كمال النصاب.

وعموماً فإن دين الميت إذا ادعى عليه إنسان ديناً وكانت دعواه مشبهة فالأفضل لأهله أن يقضوا عنه ذلك الدين، فإن كان له يتامى فلا يقضوه من ماله هو، بل يقضوه من مالهم هم نيابة عنه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان في أول الإسلام إذا جيء بجنازة للصلاة عليها يسأل: "هل عليه من دين؟" فإن قيل: عليه دين، تأخر فلم يصلِّ عليه، وإن قيل: ليس عليه دين صلى عليه، وتقدم ذات يوم للصلاة على جنازة، فقال: "هل عليه من دين؟" فقيل: نعم درهمان، وفي رواية: ديناران، فتأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو قتادة: هما عليَّ يا رسول الله، فكان بعد ذلك يسأله: "هل قضيت الدينارين؟" أو "الدرهمين" حتى قال قضيتهما، فقال: "الآن بردت جلدة صاحبكم"، وفي حديث آخر أن علياً رضي الله عنه أيضاً لما تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة على جنازة سأل: "هل عليه من دين؟" فقيل: درهمان، فتأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي: أنا أقضيهما، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه.

ثم بعد هذا وجب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاء الدين عن الميت المعسر، فكان بعد ذلك يقول: "من مات عن حق أو ضياع فلأهله، ومن مات وعليه دين فعلي وإلي"، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي الدين عن كل من مات معسراً من المسلمين، كان ذلك واجباً عليه صلى الله عليه وسلم.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.