حكم خدمة الأضرحة، والذبح والنذر لها

عندنا مقبرة كبيرة بها ثلاثة أضرحة مبني عليها قباب كبيرة يقال أنها بنيت منذُ مائتي عام، ومما يؤسف له أن هناك امرأةً عجوزاً تذهب لهذه الأضرحة بحجة أنهم أولياء، وتقوم بتنظيفها، ويذهب الناس إلى هذه الأضرحة، فيذبحون لها وينذرون لها، وهناك فريق يقول: إنه يلزم هدم هذه القباب، وفريق آخر يقول: لا يجوز لنا هدمها؛ لأنها قباب قديمة وبنيت منذُ فترة فلا نعرف وضعها، سؤالي: ما حكم مثل هذه الأعمال: خدمة المرأة لهذه الأضرحة، الذبح والنذر عندها، وضع الأموال؟!! ثم أين تذهب هذه الأموال، وأين تذهب هذه الذبائح؟!! وفقكم الله.

الإجابة

البناء على القبور أمر منكر، لا يجوز اتخاذ القباب عليها ولا اتخاذ المساجد عليها، بل نهى الرسول عن هذا عليه الصلاة والسلام، بل لعن من فعل ذلك، قال عليه الصلاة والسلام: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وقال جابر - رضي الله عنه-: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها) خرجه مسلم في صحيحه، وهكذا روى النسائي والترمذي وغيرهما النهي عن الكتابة على القبور أيضاً. فالحاصل أن البناء على القبور أمر منكر نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم-، واتخاذ المساجد عليها كذلك؛ لأنه وسيلة إلى الغلو فيها وعبادتها من دون الله في الدعاء أو الطواف أو الاستغاثة بها أو الذبح لها كل هذا يقع من بعض الجهلة، وهذا من الشرك الأكبر، الطواف على القبور تقرباً إلى الموتى بذلك أو دعاء الميت أو الاستغاثة بالميت أو طلبه شفاء المريض أو قضاء الحاجة أو رد الغائب أو ما أشبه ذلك هذا من الشرك الأكبر؛ هذه لا تطلب من الأصنام ولا من الموتى ولا من الشجر والحجر ولا من الكواكب، بل تطلب من الله عز وجل هو الذي يشفي المرضى و...... ويقضي الحاجات ويكشف الكربات سبحانه وتعالى، أما طلب هذا من الموتى أو من الأصنام أو من الأشجار والأحجار أو من الكواكب فهذا كله شرك بالله عز وجل، وهكذا الطواف على القبور منكر الطواف يكون بالكعبة لا يطاف بالقبور، فهذا منكر عظيم بل شرك أكبر إذا قصد به التقرب إلى صاحب القبر فهو شرك أكبر، وإذا ظن أنه قربة لله وأنه يتقرب لله بهذا هذه بدعة منكرة ووسيلة إلى الشرك، فلا يطوف لا لله عند قبر ولا للميت لا يطوف عند القبر أبداً الطواف من خصائص البيت العتيق الكعبة والقبور لا يطاف بها أبداً بل هذا منكر وبدعة، وإذا كان فعله لصاحب القبر صار شركاً أكبر، وهكذا دعاء الميت والاستغاثة بالميت والنذر له والذبح له كله من الشرك الأكبر. فالواجب على المسلمين الحذر من ذلك، وعلى أعيان المسلمين منع هؤلاء من هذا العمل، وعلى الحكام والأمراء أن يمنعوا الجهلة من هذا الشيء، هكذا الواجب على حكام المسلمين؛ لأن الله جل وعلا أقامهم لمنع الأمة مما يضرها ولإلزامها بما أوجب الله عليها، وللنظر في مصالحها هذا هو واجب الحكام، الحكام من الأمراء والملوك والسلاطين إنما شرعت ولايتهم ليقيموا أمر الله في أرض الله، لينفذوا أحكام الله، فعلى الأمير في القرية وعلى الحاكم في أي مكان وعلى السلطان ورئيس الجمهورية وعلى كل من له قدرة أن يساهم في هذا الخير، وذلك بإزالة هذا الأبنية والقباب والمساجد التي بنيت على القبور، وأن تبقى القبور مكشوفة مثل القبور في البقيع في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عهدنا الآن في المدينة وتكشف، ولا يكون عليها بناء لا مسجد ولا حجرة .... ولا قبة ولا غير ذلك؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها وتجصيصها؛ لأن هذا وسيلة إلى أن يغلى فيها إلى أن تعبد مع الله. وهكذا لا يهدى إليها نقود ولا ذبائح ولا ملابس ولا للسدنة عندها. وهذه العجوز التي عند القبر تمنع لا تأتي هذه المقابر ولا تقوم بتنظيفها؛ لأن هذا دعاية إلى الشرك ولكن تصان القبور إذا سورت أطراف المقبرة كلها بسور حتى لا تمتهن حتى لا تتخذ طرقاً أو للدواب لا بأس، أما البناء على القبر لتعظيمه أو لإظهار شرفه وفضله هذا كله منكر، لا يجوز البناء على القبور أبداً ويمنع وضع السدنة عند القبور لأخذ أموال الناس أو تغرير الناس ودعوتهم إلى الشرك كل هذا يجب منعه. وهذا واجب الحكام وواجب الأعيان وواجب أمراء البلاد أن يسعوا في هذا الخير وأن ينصحوا للعامة ويعلموهم. كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا زار القبور يقول -كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا-: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين) وكان يقول لهم إذا زار البقيع عليه الصلاة والسلام بنفسه: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أتاكم ما توعدون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) هكذا يدعو لهم، هذا السنة، يدعى للمقبورين بالرحمة والمغفرة يسلم عليهم ويدعو لهم ثم ينصرف، لا يدعوهم مع الله لا يستغيث بهم لا يتمسح بقبورهم لا يقبلها بل يدعو وينصرف، يدعو لهم بالمغفرة والرحمة ثم ينصرف لأن زيارة القبور فيها ذكرى للآخرة ذكرى للموت، أما أن يجلس عند القبور يقرأ أو يدعو أو يتمسح بالقبر أو يقبله هذا لا يجوز، أو يدعوه من دون الله أو يستغيث به أو ينذر له كل هذا من أعمال الجاهلية، من أعمال المشركين الأولين، فيجب الحذر منها ويجب تعليم الناس وإرشادهم وتوجيههم إلى الخير وتعليمهم ما ينفعهم حتى لا يقعوا في الشرك وحتى لا يكونوا من جنس الجاهلية الأولى، والله المستعان.