الإجابة:
تغطية الوجه والكفين مشروع باتفاق العلماء، والأصح من أقوال أهل العلم
وجوب ذلك للأدلة الكثيرة؛ فالمرأة عورة؛ ولم يستثنِ النبي صلى الله
عليه وسلم شيئًا من ذلك. والمُحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين -بل
تغطي وجهها- فبمفهوم المخالفة غير المُحرمة تنتقب وتلبس القفازين,
والمرأة مأمورة بتغطية القدم فتغطية الوجه من باب أولى و أحرى إذ
الوجه هو مكمن الفتنة ومنبع الخطر وقد فرق الشرع بين الكبيرة التي لا
تشتهي ولا تُشتهى وبين الصغيرة. قال تعالى {و القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً
فليس عليهنّ جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة} فالمرأة
من القواعد تكتفي بالدرع والخمار فإن كانت متزينة أو تشتهي أو تُشتهى
وجب عليها تغطية الوجه والكفين. وحديث أسماء الذي فيه أن المرأة إذا
بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا و ذاك و أشار النبي صلى
الله عليه و سلم إلى الوجه والكفين، حديث ضعيف لا تقوم به الحجة. وعلى
القول بصحته فإنما يًحمل على الوضع قبل نزول آية الحجاب, وقد حكى ابن
رسلان اتفاق العلماء على أنه لو كثر الفساد أو خيفت الفتنة يجب على
المرأة تغطية الوجه والكفين، وقال الحافظ ابن حجر: لم يزل الأمر منذ
عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا على خروج النساء في
الأسفار و إلى الأسواق منتقبات.
وعلى المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أُمر
بمعصية فلا سمع ولا طاعة, لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. فإذا تطلب
الأمر كشف الوجه في المطارات للتعرف على الهوية فلا حرج في ذلك ولو تم
ذلك أمام موظفة بالمطارات فهو من باب أولى وأحرى، فإن لم يتيسر ذلك
فلا إثم علينا.
أما بالنسبة لكشف الوجه أثناء المشي في الصين فأخشى أن يكون تم بلا
ضرورة ولم تتمهد أسباب الخوف والاستكراه المعتبر " فاتقوا الله ما
استطعتم " ولابد من الحرص على إظهار شعائر الدين و الاعتزاز بالسنن
الشرعية وعدم مجاراة أهواء البشر. وقد كان الإمام مالك -رحمه الله-
يُفسق من سافر لبلاد الهند للتجارة إلا لقادر على إظهار شعائر دينه؛
إذ دين الإنسان أغلى ما يملك والدنيا لا تصلح عوضًا عن معنى من معاني
الآخرة، وركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها.
و الله أعلم.