الأفضل للمسافر ترك الجمْع إذا كان نازلاً، وليس عليه جمعة

نخرج إلى البر كثيراً وخاصة في يومي الخميس والجمعة حيث العطلة الأسبوعية وأكثر الأماكن التي نذهب إليها مسافة قصر؛ ولذلك فإننا نصلي الظهر والعصر قصراً وجمعاً، فهل هذا جائز ونسمع – يا سماحة الوالد – أنه لا يجوز للمسلم ترك الجمعة مع المسلمين أكثر من ثلاث مرات فهل هذا صحيح؟ وهل هناك عدد محدد لذلك ولو كان الإنسان يسافر كثيراً أو يخرج إلى البر؟ أفتونا في هذا الموضوع الهام الذي يشغل بال كثير من الناس، جزاكم الله خيراً[1].

الإجابة

المسافر يُشرع له قصر الصلاة في السفر ويباح له الجمع بين الصلاتين؛ لصحة الأحاديث بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل له ترك الجَمْع إذا كان نازلاً، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حين نزوله في منى، في أيام التشريق فإنه لم يجمع بين الصلاتين، بل كان يصلي كل صلاة في وقتها، فدل ذلك على أن هذا هو الأفضل في حق المسافر إذا كان نازلاً، أما إذا كان على ظهر سير فالأفضل له الجمع تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان إذا ارتحل في السفر قبل زوال الشمس أخَّر الظهر مع العصر وجمع بينهما جمع تأخير، وإذا ارتحل بعد الزوال قدم العصر مع الظهر وجمع بينهما جمع تقديم، وهكذا كان عليه الصلاة والسلام إذا ارتحل بعد الزوال قدم العصر مع الظهر وجمع بينهما جمع تقديم وهكذا كان عليه الصلاة والسلام إذا ارتحل من منزله في السفر قبل غروب الشمس أخَّر صلاة المغرب وجمعها مع العشاء جمع تأخير، أما إذا ارتحل بعد الغروب فإنه يقدم العشاء مع المغرب ويصليهما جمع تقديم، والقصر سُنة ومن أتمّ فلا حرج عليه.

والسفر الذي تقصر فيه الصلاة هو ما كانت مسافته 80 كيلاً وهي مسافة يوم وليلة للإبل، هذا هو الأرجح والأحوط، أما الجمعة فليس على المسافر جمعة ولا تصح منه، بل عليه أن يُصلي ظهراً؛ لكن إذا مرّ على قرية وصلى معهم الجمعة أجزأته عن الظهر، ولا يجوز للمسلم إذا كان غير مسافر أن يترك صلاة الجمعة لا مرة ولا أكثر بل عليه أن يُحافظ عليها مع المسلمين؛ لأنها فرض الوقت بإجماع المسلمين، وليس لأحد من المقيمين في بلد أن يتخلف عنها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لينتهين أقوام عن تركهم الجمعة، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكوننّ من الغافلين))[2] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم الوعيد لمن تخلّف عنها ثلاث مرات بالطبع على قلبه، فالواجب الحذر من ذلك والمحافظة على الجمعة مع المسلمين، في حق كل مقيم في البلد، وقد قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ[3].

نسأل الله أن يوفق المسلمين للمحافظة عليها وعلى غيرها من كل ما أوجب الله عليهم، وأن يوفقهم للحذر من كل ما حرم الله عليهم، إنه سميع قريب.

[1] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من المجلة العربية، وقد أجاب عنه سماحته بتاريخ 1/2/1419ه.

[2] أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، برقم 865.

[3] سورة الجمعة، الآية 9.