حكم السؤال بالجاه

ما حكم الوجاهة، وهل يصح أن نقول: بجاه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - اغفر لي، أو اغفر لوالديّ، وما أشبه ذلك؟

الإجابة

السؤال بالجاه بدعة لا يجوز، ولكن تسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وبإيمانك وأعمالك الصالحة هذا المشروع، أما أن تقول: اللهم إني أسألك بجاه محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو بجاه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أو بجاه الأنبياء، أو بجاه الصالحين هذا منهي عنه ليس من الوسائل الشرعية، الله يقول جل وعلا: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، ما قال: فادعوه بجاه الأنبياء أو بجاه الصالحين، قال: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، فتقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى أن ترحمني، أن تعلمني العلم النافع أن تفقهني في الدين، أن تغنيني عن خلقك وما أشبه ذلك، اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم، بأنك العزيز الحكيم بأن تغفر لي وترحمني اللهم إني أسألك برحمتك وبفضلك وإحسانك أن تغفر لي وترحمني، اللهم إني أسألك بأنك الجواد الكريم بأنك العفو الغفور، إلى غير هذا، مثلما في الحديث الصحيح، النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال للصديق رضي الله عنه، لما قال الصديق: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به في صلاتي وفي بيتني، قال قول: (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفري لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)، هكذا علم الصديق رواه الشيخان في الصحيحين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو ربه، يقول: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره، ويدعو الله بأسمائه سبحانه وتعالى وصفاته فلا ينبغي لأحد أن يدعو الله بغير ما شرع، لا بجاه فلان ولا بحق فلان، لا بحق الأنبياء، ولا بجاه الأنبياء والصالحين، ولا بأس أن تدعو وتتوسل بالإيمان، تقول: اللهم إني أسألك بإيماني بك وبنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -، أن تغفر لي أو تعطيني كذا وكذا، اللهم إني أسألك بمحبتي لك، ومحبتي لنبيك ولعبادك الصالحين أن تغفر لي وترحمني لا بأس، تتوسل بالإيمان والمحبة لله ولرسوله أو بالتوحيد، اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو اللهم إني أسألك بتوحيدي لك وإيماني بك وهكذا بالأعمال الصالحة الأخرى، تقول: اللهم إني أسألك ببر الوالدين وبأداء الأمانة، وبالعفة عما حرم الله، تسأل بأعمالك الطيبة، كله طيب، أما أن تسأل بجاه فلان، فحق فلان مو بعملك ولا هو من أسماء الله وصفاته، فلا تسأل به، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إن ثلاثة مما كان قبلنا، ثلاثة ممن كان قبلنا، آوهم المبيت والمقر إلى غار، فدخلوا فيه، من أجل المبيت والوقاية من المطر، فأراد الله جل وعلا، أن أنزل عليهم صخرة، انحدرت عليهم بإذن الله، فغطت عليهم باب الغار، عظيمة ما استطاعوا دفعها، فقالوا فيما بينهم: لن ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعو الله بصالح أعمالكم، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً، وإنه نئا به طلب الشجرة ذات ليلة فلما أرح عليها إلا وقد ناما، فجئتهما وقد ناما والقدح علي يدي، فلم أوقضهما، يعني احتراماً لهما، ما أحب أن يوقظهما، فوقف والقدح على يديه ينتظر استيقاظهما، قال: والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم أغبق قبلهما أحد حتى استيقظا عند طلوع الفجر، فسقيتهما غبوقهما والغبوق اللبن، كان من عادات العرب يشربون الغبوق بعد العشاء، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء، لكن لا يستطيعون الخروج، ثم قال الثاني: اللهم إني كانت لي ابنة عم كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، وإني أردتها من نفسها، يعني أراد منها الفاحشة، فامتنعت، ثم إنها ألمت بها سنة، يعني حاجة، فجاءت إلي تطلبه العون والرفد، فقال: لا، حتى تمكنيني من نفسك، فوافقت من أجل هذا، فوافقت على مائة وعشرين دينار، مائة وعشرين جنيه يعطيها إياه، قال: فلما جلست بين رجليها، يعني للجماع، قالت: يا عبد الله اتق الله، ولا تفض الخاتم إلا بحقه، يعني لا تجامعني إلا بعقد شرعي، فلما قالت له هذا الكلام خاف من الله وقام وترك الفاحشة وترك لها الدنانير تركه لها قال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك يعني خوفاً منك، فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء، لكن لا يستطيعون الخروج، ثم قال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء فأخذ كل واحد أجره، إلا واحداً ترك أجره عندي، وإني نميته واشتريت منه إبلاً وبقراً وغنماً ورقيقاً، ثم جاءني يطلب أجرته، فقلت له: كل ما ترى أجرك، هذه الغنم والإبل والبقر والرقيق كله من أجرك، فقال لي: اتق الله ولا تستهزئ بي، فقلت له: لا أستهزئ بك هذا مالك، فأخذه واستاقه كله، قال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة وخرجوا)، بأسباب توسلهم بهذه الأعمال الصالحات، الله جل وعلا قدر، سقوط هذا الحجر على فم الغار ليتوسلوا بهذا الوسائل وليعلم الناس فضل البر، وفضل العفة عن الفواحش، وفضل أداء الأمانة حتى يتأسوا بهؤلاء، ويستفيدوا من عمل هؤلاء، هذه نعمة الله وفضل من الله والنبي - صلى الله عليه وسلم - خبرنا بهذا حتى نستفيد من هذه القصة، وأن بر الوالدين والعفة عن الفواحش وأداء الأمانة من أعظم الأسباب في تفريج الكروب وتيسير الأمور، ومن أعظم الأسباب في النجاة من النار، لأن الكربة يوم القيامة أعظم من الكربة في الدنيا، فالإنسان إذا اتقى الله وابتعد عن محارم الله، وأدى ما أوجب الله عليه فهذا من أسباب التفريج في الدنيا والنجاة في الآخرة، كما قال سبحانه: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، وقال سبحانه: ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً، فأنت يا عبد الله، وأنت يا أمة الله تذكرا جميعاً في هذه القصة قصة الثلاثة، واستفيدا من هذه القصة الفائدة العظيمة، وليتيقن كل واحد منا أن بر الوالدين من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات ومن أسباب تفريج الكروب وتيسير الأمور، وهكذا العفة عما حرم الله عن الزنا والفواحش من أفضل القربات ومن أعظم أسباب تيسير الأمور وتفريج الكروب والنجاة من النار، وهكذا أداء الأمانة والعناية بالأمانة، وعدم الخيانة كل ذلك من أسباب تفريج الكروب وتيسير الأمور، ومن أسباب رضا الله سبحانه من أسباب رضا الله وتيسير أمرك وإدخالك الجنة ونجاتك من النار، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.