حكم الطواف حول القبور

كنت جالساً مع إخوة لي من أبناء وطني من صعيد مصر، فقالوا لي: يوجد عندنا مقام لأبي الحسن الشاذلي، من طاف به سبعة أشواط كانت له عمرة، ومن طاف به عشر مرات كانت له حجة، ولا يلزمه الذهاب إلى مكة، فقلت لهم هذا الفعل كفرٌ بل شرك نعوذ بالله، فهل أنا مصيب، وبماذا تنصحون من ينخدع بذلك؟

الإجابة

نعم قد أحسنت, لا يجوز الطواف بقبور الناس لا بقبور أبي الحسن الشاذلي, ولا بقبر البدوي, ولا بقبر الحسين, ولا الست زينت, ولا الست نفيسة ولا غيره, الطواف يكون بالكعبة خاصة, لا يجوز الطواف بغير الكعبة أبداً فإذا طاف بقبر أبي الحسن الشاذلي أو مقامه يتقرب إليه بالطواف صار شركاً أكبر, وليس يقوم مقام حجة ولا مقام عمرة بل هو كفر وضلال ومنكر عظيم وفيه إثم عظيم؛ فإن كان طاف يحسب أنه مشروع ويطوف لله لا لأجل أبي الحسن هذا يكون بدعة ومنكر, وإذا كان طوافه من أجل أبي الحسن من أجل التقرب إليه هو شرك أكبر نعوذ بالله, وهكذا دعاؤه, والاستغاثة بأبي الحسن الشاذلي, أو النذر له, أو الذبح له كله كفر أكبر نعوذ بالله منه, وهكذا الحلف بأبي الحسن أو بغيره, الحلف بالنبي, أو بالحسن, أو بالحسين, أو بفاطمة, أو بالكعبة, أو بالأمانة, أو بحياة فلان، أو شرف فلان كل هذا لا يجوز الحلف بغير الله لا يجوز يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت) ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (من حلف بغير الله فقد كفر), وفي لفظ: (فقد أشرك), وفي لفظ: (فقد كفر أو أشرك) وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من حلف بالأمانة فليس منا), وقال: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد), فالحلف يكون بالله وحده؛ لأنه تعظيم لا يليق إلا بالله وحده فالحلف بغير الله من الشرك الأصغر, وقد يكون أكبر إذا حصل في قلبه من التعظيم للمخلوق ما هو جنس تعظيم الله يكون كفرٌ أكبر, فالدعاء, والاستغاثة بالأموات, والنذر لهم, والذبح لهم, والتوكل عليهم, أو اعتقاد أنهم يعلمون الغيب وأنهم يتصرفون في الكون, أو يعلمون ما في نفوس أصحابهم والداعين لهم, والطائفين بقبورهم كل هذا شرك أكبر نعوذ بالله, فالغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه لا يعلمه الأنبياء ولا غيرهم, وإنما يعلموا من الغيب ما علمهم الله إياه يقول سبحانه: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ فمن زعم أن شيخه يعلم الغيب, أو أنه يعلم ما في نفس زائره وما في قلب زائره هذا كفر أكبر نعوذ بالله, فالغيب لله وحده-سبحانه وتعالى-وكذلك إذا عكف على القبر يطلب فضل صاحب القبر يطلب أنه يثيبه, أو أنه يدخله الجنة بجلوسه عند قبره, أو بقراءته عند قبره, أو باستغاثته به، أو نذره له، أو صلاته عنده أو نحو ذلك هذا كفر أكبر, فالحاصل أن الواجب على المؤمن أن يحذر الشرك كله وأنواعه, القبور إنما تؤتى لزيارة يزورها المؤمن للدعاء لهم, والترحم عليهم فيقول: (السلام عليكم دار قوم وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يغفر الله لنا ولكم يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية) هكذا, أما أن يدعوهم مع الله, ويستغيث بهم هذا كفر أكبر, أو ينذر لهم, أو يتقرب لهم بالذبائح بالبقر, بالإبل, أو بالغنم, بالدجاج, كل هذا كفر أكبر نعوذ بالله, فالواجب الحذر, والواجب التفقه في الدين المسلم عليه أن يتفقه في دينه حتى لا يقع في الشرك ولا في المعاصي وعلماء السوء علماء الضلالة يضلون الناس ويغشونهم, فالواجب على علماء الحق أن يتقوا الله, وأن يعلموا الناس, وأن يرشدوا الناس من طريق الإذاعة من طريق الكتابة والصحافة, من طريق التلفاز يعلمون الناس دينهم ويرشدونهم إلى الحق حتى لا يعبدوا الأموات ولا يستغيثوا, بهم حتى لا يطوفوا بقبورهم, حتى لا يتمسحوا بها, حتى لا ينذروا لها, القبور تزار للذكرى لذكر الآخرة ذكر الموت للدعاء للميت والترحم عليه, أما أن يطاف بقبره, أو يدعى من دون الله, أو يستغاث من دون الله, أو يجلس عنده للصلاة أو للقراءة هذا لا ، لا يجوز والجلوس عند قبره للصلاة عنده أو القراءة عنده بدعة, فإذا كان يصلي له كان كفر أكبر, فإن صلى لله أو قرأ لله يطلب الثواب من الله ولكن يرى أن القبور محل جلوس عندها لهذه العبادات صار بدعة ، فالقبور ما هي بمحل جلوس للصلاة ولا للقراءة ولكنها تزار للدعاء, لدعاء الأموات يدعى لهم يترحم عليهم مثل ما زارهم النبي, وزارهم الصحابة - رضي الله عنهم - النبي يقول يعلم أصحابه في زيارة القبور أن يقولوا: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية يرحم الله المستقدمين والمستأخرين), وكان يقول لشهداء البقيع: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد), ويترحم عليهم هذه هي الزيارة الشرعية, فيجب الحذر مما حرم الله مما أحدثه عباد القبور, وأحدثه الجهال الذي يضر ولا ينفع بل يوقع أصحابه في الشرك الأكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله. بارك الله فيكم