عدم اختصاص المساجد بتدريس العلم

السؤال: إن بعض الشباب المسلم المواظب على الحضور للمحاضرات في المساجد امتنع عن حضور المحاضرات في دار الشباب بحجة أن الحديث عَيَّنَ بيوت الله، وقال إن الدروس في دار الشباب لا تغشاها السكينة ولا تتنزل عليها الرحمة ولا تحفها الملائكة، ما تعليقكم على هذا؟

الإجابة

الإجابة: بالنسبة للحديث فيه إثبات أن ما كان من ذلك في المسجد يحصل له ما ذكر، لكن ليس فيه نفي لأن ما سوى ذلك لا يتصف بهذا الوصف، وهذا إيغال في مفهوم المخالفة، ولا ينبغي أن يوغل في مفهوم المخالفة لهذا الحد، فالمهم في الدروس ما كان منها نافعاً مفيداً، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها.

ومع ذلك لا شك أن عمارة بيوت الله إذا وجد فيها الإنسان مبتغاه من العلم فهي خير من عمارة الدور، لكن الذين يعمرون دور الشباب كثير منهم لا يأتي المسجد، فلذلك لابد أن يغزوا في دارهم وأن توصل إليهم كلمة الحق في المكان الذي هم فيه.

ومع ذلك فنفي القائل هنا الذي يزعم أن الدروس في أي مكان كانت لا تحفها الملائكة ولا تغشاها الرحمة والسكينة هذا زعم باطل لا دليل عليه، بل الحديث فقط فيه إثبات أنه: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة"، لكن ليس ذلك يقتضي نفياً لنزول السكينة على أقوام آخرين في أماكن أخرى.

قد ذكر الشيخ الحديث الذي أخرجه البخاري في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله ملائكة سيارين في الأرض بغيتهم حلق الذكر، فإذا وجدوهم حفوهم بأجنحتهم، وتنادوا أن هذه طلبتكم، فيمكثون فيهم ما شاء الله أن يمكثوا ثم يرتفعون إلى ربهم، فيسألهم -وهو أعلم-: ماذا يقول عبادي؟ فيقولون: يحمدونك ويكبرونك ويهللونك، فيقول: وهل رأوني؟ فيقولون: لا، فيقول: فكيف لو رأوني؟ فيقولون: وعزتك وجلالك لو رأوك لكانوا لك أشد ذكراً، فيقول: وماذا يسألونني؟ فيقولون: يسألونك الجنة، فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا، فيقول: فكيف لو رأوها؟ فيقولون: وعزتك وجلالك لو رأوها لكانوا لها أشد طلباً وعليها أشد حرصاً، فيقول: ومن ماذا يستعيذونني؟ فيقولون: يستعيذونك من النار، فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا، فيقول: فكيف لو رأوها فيقولون وعزتك وجلالك لو رأوها لكانوا منها أشد خوفاً، فيقول: أشهدكم أني قد غفرت لهم، فيقول ملك: يا رب فيهم عبدك فلان وليس منهم إنما جاء لحاجته، فيقول: هم الرهط أو هم القوم لا يشقى بهم جليسهم".



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.