مدى صحة حديث وقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب

لقد جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الحديث يقول: عن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اثنتي عشرة ركعة تصليهن من ليل ونهار، وتتشهد بين كل ركعتين، فإذا تشهدت في آخر صلاتك فاثني على الله -عز وجل-، وصلِّ على النبي -صلى الله عليه وسلم-، واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات، وآية الكرسي سبع مرات، وقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات، ثم قل: اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، واسمك الأعظم، وجدك الأعلى، وكلماتك التامة، ثم سل حاجتك ثم ارفع رأسك ثم سلم يميناً وشمالاً، ولا تعلموها السفهاء فإنهم يدعون بها فيجابون) رواه الحاكم وقال: قال أحمد بن حرب: قد جربته فوجدته حقاً، وقال إبراهيم بن علي الديبي: قد جربته فوجدته حقاً، وقال أبو زكريا: قد جربته فوجدته حقاً، قال الحاكم: قد جربته فوجدته حقاً، تفرد به عامر بن خداش وهو ثقة مأمون، قال المصنف عامر هذا قال شيخنا أبو الحسن: هو نيسابوري صاحب مناكير، وقد تفرد به عن عمر بن هارون البلخي وهو متروك متهم، أثنى عليه ابن مهدي وحده فيما أعلم، والسؤال هو: هل هذا الحديث صحيح، وإذا كان الحديث صحيحاً -سماحة الشيخ-

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد: هذا الحديث ليس بصحيح، بل هو موضوع ومكذوب على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وقد نبهنا على ذلك من مدة طويلة، وكان صاحب كتاب الدعاء المستجاب قد ذكره في كتابه، وهو كتابٌ لا يجوز الاعتماد عليه، وصاحبه ليس من أهل العلم، ولهذا نبهنا على هذا لمدة أشهر بل لأكثر من سنة أن هذا الكتاب لا يجوز الاعتماد عليه، وأن هذا الحديث موضوع وقد كتبنا فيما قسم الله من ذلك، فيجب التنبه للقراء على هذا الخبر، وعلى هذا الكتاب، وأن الكتاب هذا لا يعتمد، وهو كتاب الدعاء المستجاب بما فيه من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ولا ينبغي -أيضا- أن يظن أن هذا الحديث صحيح، بل هو مكذوب وليس بصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن القراءة في الركوع والسجود، وهذا فيه قراءة في الركوع والسجود، وعمر بن هارون الراوي كذاب لا يعتمد على روايته، وهكذا من قبله عامر بن خداش، فالمقصود أن الحديث موضوع مكذوب لا يعتمد عليه، وقد ثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من صلّى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً في الجنة)، ثم بينها في رواية سعيد -رحمه الله-، قال: (أربعاً قبل الظهر وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب وثنتين بعد العشاء وثنتين قبل صلاة الصبح)، وهذ الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمن حافظ عليها بنى الله له بيتاً في الجنة، يصلي أربعاً قبل الظهر تسليمتين، واثنتين بعدها، واثنتين بعد المغرب واثنتين بعد صلاة العشاء، واثنتين قبل صلاة الصبح. هؤلاء الركعات هي التي شرعها الله -عز وجل-، ورتب عليها ما رتب من الخير العظيم، أما هذه الركعات التي في حديث الحاكم هذا، وفي رواية عمر بن هارون فقد عرفت أيها السائلة أنه موضوع مكذوب. ولا ينبغي لك أن تكوني معذبة، بل كوني مطمئنة فاتق الله وراقبي الله، واعملي بشرع الله، ودعي عنك الوساوس والتعلق بالأحاديث الموضوعة والمكذوبة والضعيفة، ففيما شرع الله كفاية وغنية عما ابتدعه الناس، وعما كذبه الناس، والتمسك بالدين ليس بعذاب، التمسك بالدين هو الراحة وهو الطمأنية وهو الخير العظيم المعجل، وفي الآخرة أعظم وأعظم، الراحة في الآخرة أكبر وأعظم، فلا ينبغي أن تكوني معذبة، بل كوني مطمئنة وكوني مرتاحة بفعل ما شرع الله وترك ما حرم الله، والإكثار من ذكر الله وتسبيحه وتهليله واستغفاره والتوبة إليه، وأبشري بالخير، ودعي عنك الوساوس والتحرج الذي يوقعك في التعذيب والتعب، ولكن اشرحي صدرك بدين الله، وتمسكي بشرع الله، وأكثري من قراءة القرآن ومن ذكر الله وتسبيحه وتحميده واستغفاره والتوبة إليه، واعملي بما شرع الله من العبادات وأبشري بالخير، وأبشري بالراحة في الدنيا والسعادة في الدنيا والسعادة والراحة في الآخرة أكبر، رزقني الله وإياك للاستقامة والبصيرة في الدين. إذن الأسئلة المترتبة على هذا الحديث لا لزوم لها، طالما أنه غير صحيح. لاغية، نعم.