نصيحة بترك الدراسة في الجامعات والمدارس المختلطة

أنا أختكم في الإسلام، وأنا أعاني من مشاكل في حياتي وهي: أنني أعيش في وسط بعيد كل الناس فيه عن الدين، فأنا أدرس في معهد وهذا المعهد مختلط بين الجنسين، ويُمنع فيه لبس أي نوع من الحجاب، وكل الذين موجودين فيه بعيدين عن الدين، وأنا أجد نفسي أتأثر بتصرفاتهم، ويزداد بعدي عن الله وعن إقامة فرائضه وهي الصلاة، حيث أقول لنفسي: ما نفع صلاتي! وأنا أضطر كل يوم إلى ارتكاب المحرمات والمعاصي بقصد وبدون قصد، وأريد منكم أن ترشدوني إلى الطريق الذي فيه سلامتي من غضب الله وراحة لنفسي، مع أنني لا أستطيع أن أترك الدراسة وأحافظ على العزلة؛ لأن الشهادة في هذا الزمن ضرورية جداً، وبخاصة لي؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. ورسالة أخرى وصلت من العراق في نفس المعنى، وثالثة من جمهورية مصر العربية، نرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بتوجيه الأخوات إلى الطريق الأمثل، وهن في ذلكم الوسط الذي وصفنه في رسائلهن!

الإجابة

مقتضى الأدلة الشرعية أن الدراسة إذا كانت تشتمل على ما يضر الدارسة أو الدارس أنه لا حاجة إليها؛ لأن الواجب أن يتعلم المسلم ما لا يسعه جهله، وهذا في إمكانه أن يتعلمه من المعلمين في المساجد مع الحجاب والبعد عن الفتنة، وفي المدارس الأهلية السليمة، في بيت بواسطة أبيها وأمها أو امرأة صالحة أو ما أشبه ذلك، أما هذه الدراسة المختطلة هذه خطرها عظيم وفسادها عظيم، ولا سيما أيضاً مع السفور وعدم الحجاب فيجتمع الشر كله! فالذي أنصح به هؤلاء الأخوات أن يدعن هذه الدراسة وأن يبتعدن عن هذه الدراسة حفاظاً على دينهن وعلى أخلاقهن، وسوف يجعل الله لهن فرجاً ومخرجا من طريق دراسة سليمة يحصل بها معرفة الدين من دون وقوع فيما حرم الله، وليست الوظائف ضرورية وليست الشهادات ضرورية، فقد مضى السلف الأول وليسوا ممن يتعاطى هذا الأمر، ويمكن العمل في أشياء أخرى بدون هذه الشهادة، وليس من الضروري أيضا العمل، لأن الرجال قوامون على النساء، ففي إمكانها أن تتزوج ويقوم عليها الزوج، أو يقوم عليها والدها أو إخوتها فيما تحتاج إليه، فالرجال قوامون على النساء. وبكل حال هذه الدراسة منكر وشر عظيم وعواقبها وخيمة وسوف يجعل الله لمن تركها فرجا ومخرجا، وسوف يسهل الله له طلبه السليم إذا صدق في ذلك، وكان قصده وجه الله والدار الآخرة، كما قال الله سبحانه: ..وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ.. (2-3) سورة الطلاق،..وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) سورة الطلاق، فعلى الطالب والطالبة في هذه الأقسام عليه الحذر وعليهما الحذر جميعاً. فالبقاء في هذه الدراسة تعريض للنفس والعرض والدين لما لا تحمد عقباه. والمسلم مأمور بأن يصون نفسه عما حرم الله وأن يبتعد عن أسباب الخطر، وقد وعد الله عباده بتفريج الكروب وتيسير الأمور، فعند الضيق يجيء الفرج، وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) سورة الطلاق. فهذه نصيحتي لهؤلاء الأخوات ولأشباههن من الطالبات في المدارس والمعاهد والكليات المختلطة. نصيحتي للجميع ترك هذه الدراسة والمطالبة لولاة الأمور بدراسة غير مختلطة للنساء على حدة وللرجال على حدة. ومتى صدق الشعب في هذه الأمور وطلب من ولاة الأمور إفراد النساء وإفراد الرجال كل على حدة كل في دراسة تخصه فإن ولاة الأمور لا بد أن يستجيبوا لأن هذا أمر معقول وصحته ظاهرة، وإذا جدَّ فيه الشعب طيب وبين لولاة الأمور الأضرار العظيمة والعواقب الوخيمة فإن ولاة الأمور إن شاء الله يستجيبوا لهذا الأمر إذا رأوا من الشعب الصدق في ذلك والهمة على العزم في ذلك، ولا يجوز للإنسان أن يقول: هذا مستحيل أو هذا غير ممكن، كل هذه الدعوة لا تليق، بل ينبغي أن يحسن الظن بالله وأن لا ييأس من الإصلاح، وولاة الأمور في بلاد المسلمين يرجى لهم الهداية إذا صدقوا وإذا أرادوا الخير، والله المسئول أن يهديهم وأن يوفقهم للخير وأن يصلح لهم القلوب والأعمال والبطانة، وأن يشرح صدورهم للتمسك بشريعة الله وبالحكم بشريعة الله، فعلى الشعب أن يعينهم على هذا، وأن لا يطاوع في ما حرم الله، بل يكون عنده النشاط والهمة العالية في فعل ما أمر الله وترك ما نهى الله. رزق الله الجميع التوفيق والهداية. - سماحة الشيخ أخواتنا في أسئلتهن يعرجن إلى فتوى ذكرت أن الوجه والكفين ليس بعورة؟! رأيكم في هذا وتوجيهكم لو تكرمتم. ج/ لا شك أن هذا عورة، وقد كتبنا في هذا مرات كثيرة، كتبنا في هذا رسالة وسميناها (السفور والحجاب) فالوجه والكفان عورة، وهذا هو الحق الذي عليه المحققون من أهل العلم، وقد دل عليه قوله تعالى: ..وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ.. (53) سورة الأحزاب، ما قال الرب: إلا وجهها وكفيها، ثم قال: ..ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ.. (53) سورة الأحزاب، فذكر أنه أطهر لقلوب الرجال والنساء جميعا، فالطهارة مطلوبة للجميع، وقد قال الله سبحانه في كتابه العظيم: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا.. (31) سورة النور، قال ابن مسعود: الملابس، وقال ابن عباس: الوجه والكفين، وقال بعض أهل العلم: المراد به يعني قبل الحجاب، أما بعد الحجاب فلا وجه ولا كفين، ومراد ابن عباس أي قبل الحجاب، وعلى فرض أنه أراد بعد الحجاب فقوله مرجوح، وقول ابن مسعود هو الصواب، ويدل عليه ظاهر القرآن والسنة، ويدل عليه حديث عائشة - رضي الله عنها- لما وقعت وقعة الإفك وتكلم فيها بعض المنافقين وبعض من اغتر بالمنافقين رموها بصفوان بن المعطل لما وجدها صفوان متخلفة عن الجيش وحملها حتى أوصلها الجيش، فرماها أهل الإفك بما رموها به، وهي البراء -رضي الله عنها- وهي المرأة الحرة المصونة التي صانها الله وحماها وكذب من رماها بالفاحشة، قالت: -رضي الله عنها- فلما سمعت صوت صفوان المعطل: استرجع لما رآها قالت: فخمرت وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب) هكذا رواه الشيخان في الصحيحين، وهذا يدل على أنهم كانوا قبل الحجاب يكشفون وجوههم، وبعد الحجاب ستروا الوجوه، وهذا هو الصواب.