قراءة القرآن بعد العصر

إنني أقرأ بعد صلاة العصر كل يوم جزأين من القرآن الكريم، توجيهكم في هذا؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فقراءة القرآن الكريم مشروعة دائماً في جميع الأوقات من ليلٍ و نهار, والقرآن هو كلام الله -عز وجل- وهو أفضل الكلام وهو منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود فهو كلامه –سبحانه- كسائر صفاته كالعلم والرحمة والرضا والغضب والسمع والبصر كلها صفات الله -جل وعلا- تليق به -سبحانه وتعالى- فكلامه يليق به لا يشابه كلام غيره -جل وعلا- وهو أفضل كتاب وأفضل كلام جعله الله هداية للعباد وموعظة وذكرى وتبصيراً, قال تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9) سورة الإسراء. وقال سبحانه: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء (44) سورة فصلت. وقال سبحانه: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) سورة النحل. فإذا قرأه الإنسان بعد العصر أو بعد الصبح أو في جميع الأوقات فكله خير، وقراءته بعد العصر فيه فائدة؛ لأن الذكر في آخر النهار في المساء أمر مطلوب وهكذا في أول النهار مطلوب, وهو أفضل الذكر وأعظم الذكر لكن يشرع للقارئ أن يعتني بالقراءة وأن تكون عن خشوع وتدبر وتعقل ورغبته في الفائدة, كما قال سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (29) سورة ص. وقال سبحانه: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) سورة محمد. فالمشروع للقارئ من الرجال والنساء أن يتدبر ويتعقل وأن يعتني بالمعاني حتى يستفيد ثم يعمل سواءٌ كانت القراءة من المصحف أو عن ظهر قلب, والمشروع للإنسان أن يتحرى الأوقات المناسبة التي يكون فيها خشوعه أكثر وتدبره أكثر في العصر أو في الليل أو في آخر الليل أو في أول الصباح, يلتمس الأوقات المناسبة التي يرجو فيها أن تكون قراءته أكمل من جهة الخشوع والتدبر والتعقل والإقبال على معاني القرآن، فقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (من قرأ حرفاً من القرآن فله حسنة, والحسنة بعشر أمثالها لا أقول "ألم" حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) فهذا فضل من الله -جل وعلا- وقال -عليه الصلاة والسلام-: (اقرءوا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة), وقال -صلى الله عليه وسلم-: (يدعى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن أصحابهما) وقال -عليه الصلاة والسلام- يوماً لأصحابه: (من يحب منكم أن يذهب إلى بطحان -وادي في المدينة- فيأتي بناقتين عظيمتين بغير إثم ولا قطيعة رحم، قالوا كلنا نحب ذلك يا رسول الله، قال -عليه الصلاة والسلام-: (لئن يغدوا أحدكم إلى المسجد فيعلم آية من كتاب الله خيرٌ له من ناقتين عظيمتين وثلاث خيرٌ من ثلاث وأربع خيرٌ من أربع ومن أعدادهن من الإبل) أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-. فهذا يدل على فضل القراءة والتعلم، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) خيار الناس أهل القرآن تعلماً وتعليماً وعملاً، ويقول أيضاً -عليه الصلاة والسلام-: (والقرآن حجة لك أو عليك) وفي حديث أبي مالك الأشعري قال -عليه الصلاة والسلام-: (الطهور شرط الإيمان والحمد لله تملأ الميزان, وسبحان الله والحمد لله أو قال: تملأ السماء والأرض, والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء, والقرآن حجة لك أو عليك, كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها) خرجه مسلم في صحيحه. فالمقصود أن القرآن حجة لك إذا عملت به واستقمت عليه، وحجة عليك إذا أضعته ولم تستقم عليه, فالواجب على صاحب القرآن أن يعتني بالقرآن علماً وعملاً, وأن يحذر التخلف عن أوامر القرآن أو ارتكاب نواهي القرآن, بل يكون حريصاً على فعل الأوامر وترك النواهي, حريصاً على التدبر والتعقل يرجوا ثواب الله ويخشى عقابه -سبحانه وتعالى-. جزاكم الله خيراً