الأهلة تعتبر بالرؤية الشرعية

السؤال: بعث رجل يسأل عن قضاء صيام يوم الجمعة، الموافق غرة شوال. وذكر أن بعض الناس قال: يجب قضاؤه؛ لأن الهلال لم يُرَ ليلة السبت ... إلى آخر ما ذكر.

الإجابة

الإجابة: لا يجب قضاء ذلك اليوم، بل ولا يجوز؛ لأنه قد ثبت ثبوتا شرعيا أنه يوم العيد. وذلك بشهادة رجلين عدلين عند قاضٍ من قضاة المسلمين. وعملُ الناس بذلك في جميع أقطار المملكة وغيرها. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أبو داود والترمذي (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون،والأضحى يوم تضحون".

وأما ما زعمه بعض الناس من صغر الهلال، وكونه لم ير ليلة السبت، فقد قال الإمام النووي في (شرح صحيح مسلم): «باب: بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وصغره، وأن الله أمده للرؤية فإن غم فليكمل ثلاثين». وقال أبو وائل شقيق بن سلمة: أتانا كتاب عمر بن الخطاب أن الأهلة بعضها أكبر من بعض. فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى يشهد رجلان مسلمان أنهما رأياه بالأمس.

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين. فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا" (2).

وفي معنى هذا جملة أحاديث، تُبَينُ أنه لا اعتبار للحساب، ولا لضعف منازل القمر، ولا لكبر الأهلة وصغرها. وإنما الاعتبار الشرعي بالرؤية الشرعية. وإذا عُرِفَ هذا فمعلوم أن الناس صاموا رمضان ليلة الخميس بعد ثبوت الرؤية شرعا بشهادة رجلين عدلين. ولما صاموا تسعة وعشرين يوما وثبتت رؤية هلال شوال شرعا ليلة الجمعة بشهادة رجلين عدلين لزم الناس الفطر بهذا.

فمن تجاوز ما ثبت شرعا فهو عاصٍ آثم، أو صاحب شكوك ووساوس. وكلاهما قد جانب الصواب. والله الموفق يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

___________________________________________

1 - الترمذي (697) بهذا اللفظ من حديث عبد الله بن جعفر، عن عثمان بن محمد الأخنسي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، به. وأبو داود (2324) بنحو هذا اللفظ من حديث أيوب، عن ابن المنكدر، عن أبي هريرة مرفوعًا: "وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون."، وراجع (علل) الدارقطني (10/ 62، 63).
2 - النسائي (4/ 132- 133)، ورواه الدارقطني (2/ 167) وقال: هذا إسناد متصل صحيح.