معاشرة شارب الخمر والأكل معه

ما حكم الأكل مع الإنسان شارب الخمر والسعوط وما إلى ذلك؟

الإجابة

ينبغي لمن عرف إنساناً بشرب الخمر أو إظهار شيءٍ من المنكرات الأخرى أن ينصحه، وأن يوجهه إلى الخير ويرشده إلى ما أوجب الله عليه من ترك هذه المحرمات والقاذورات، فإن أصر ولم يقبل النصيحة فينبغي أن يهجر وهجره سنة لعله يتوب، ولعله ينيب إلى الله عز وجل كما هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر وهم: كعب بن مالك الأنصاري وصاحباه، هجرهم النبي وأصحابه خمسين ليلة لما وقعت منهم هذه المعصية بدون عذرٍ شرعي، وهي التخلف عن الغزو بعد أمر الرسول بذلك عليه الصلاة والسلام و.......... الناس لغزوة تبوك، فمن هنا ومن أحاديث أخرى أخذ العلماء شرعية هجر من أبدى معاصي وأظهرها، أو أظهر البدع حتى قال ابن عبد قيس رحمه الله في منظومته المشهورة في الأدب: وهجران من أبدى المعاصي سنة وقد قيل إن يردعه أوجب وأكد وقيل على الإطلاق ما دام معلناً ولاقه بوجهٍ مكفهر مربد فالمقصود أن هجر من أظهر المعاصي أو البدع سنة مؤكدة، وقال بعض أهل العلم بأن ذلك واجب مطلقاً، وقال بعضهم: يجب إن حصل به الردع عن البدع والمعاصي فإن لم يحصل به الردع صار سنةً لا واجباً، وبكل حال فمن أظهر شرب الخمر أو التدخين أو غير ذلك من المعاصي كالزنا والربا وأشباه ذلك فإنه يستحق أن يهجر بعد النصيحة، بعد التوجيه بعد الإرشاد؛ لأنه قد يكون جاهلاً لا يعلم تحريم هذه الأمور كالذي نشأ في بلادٍ بعيدة عن المسلمين، أو لُبِّس عليه في ذلك فدعوته ونصيحته فيها إقامة الحجة وفيها تذكيره بالله وتحذيره من مغبة هذه المعاصي والدين النصيحة كما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا أصر ولم يبالِ بالنصيحة فإنه ينبغي أن يهجر، لكن إذا رأى المسلم أن هجره قد يزيده شراً ورأى أن يستمر معه بالنصيحة بين وقتٍ وآخر لا لمحبة ماله أو طعامه أو شبه ذلك، ولكن لقصد توجيهه إلى الخير ورحمته لعله ينيب إلى الله ولعله يتوب، فلا حرج أن يكرر عليه النصيحة ولو زاره لذلك وإذا ترك أكل الطعام معه ونحوه كان أنسب حتى لا يظن أنه جاءه من أجل الطعام، فيتصل به للنصيحة والتوجيه ويدع الأكل معه ومجالسته التي ليس فيها مناصحة حتى لا ينسب إليه أنه مقر للمنكر، وحتى لا يظن صاحب المنكر أنه راض عنه وأنه لا يرى إنكار هذا المنكر، والمؤمن يفعل ما هو الأصلح دائماً، ويجتهد في فعل ما هو الأصلح وما هو الأقرب إلى الردع للباطل وجلب الخير، هذا هو الذي ينبغي في هذا المقام هو الهجر لمن أظهر المعاصي، وعدم مجالسته وعدم مآكلته إلا إذا اقتضت المصلحة الشرعية أن يجالسه في النصيحة ويكرر ذلك للنصيحة والتوجيه، وأن هذا أصلح من هجره لأن هجره يزيده شراً ويزيده بلاءً وشروراً وتماد في المعاصي، أو في إيذاء الناس ودعوتهم إلى الشر، فإنه في هذه الحال تنبغي معاودته ومراجعته بالنصيحة لعله يتوب ولعله ينيب.