هل أسلم والدا النبي صلى الله عليه وسلم؟

السؤال: هل كان جد النبي صلى الله عليه وسلم ووالده ووالدته مؤمنين بالله وبجميع الرسل الذين كانوا قبل النبي صلى الله عليه وسلم ؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله

الكلام في جد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرع عن الكلام في حكم أهل الفترة ، والفترة معناها كما قال ابن كثير : هي ما بين كل نبيين كانقطاع الرسالة بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم ( تفسير القرآن العظيم 2 / 35 ، وانظر : جمع الجوامع للسبكي 1 / 63 وروح المعاني للآلوسي 6 / 103 ) .

وقد قسمهم أهل العلم إلى قسمين :

القسم الأول من بلغته الدعوة ، والقسم الثاني من لم تبلغه الدعوة وبقي على حين غفلة ، ويشمل القسم الأول نوعين :

1- من بلغته الدعوة ووحد ولم يشرك كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل ( انظر : البداية والنهاية 2 / 230 وفتح الباري 7 / 147 )

2- من بلغته الدعوة ولكنه غير وأشرك كعمرو بن لحي الذي غير دين إبراهيم ، والذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : « رأيت عمرو بن عامر بن لحي الخزاعي يجر قصبه في النار » رواه البخاري (3521) ومسلم (2856)

وقد جاء النص عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن والديه في النار ، روى مسلم (203) « أن رجلا قال : يا رسول الله أين أبي ؟ قال : في النار ، فلما قضى دعاه فقال : إن أبي وأباك في النار »

وفي شأن أمه قال عليه الصلاة والسلام : « استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي ، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي » رواه مسلم (976) .

يقول النووي رحمه الله - شارحا الحديث الأول - : " فيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار ، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة ، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم "
( شرح صحيح مسلم 3 / 79 ) .

هذا وقد حاول بعض أهل العلم الدفاع عن والدي النبي صلى الله عليه وسلم والحكم بنجاتهما ، وأن الله تعالى أحياهما بعد موتهما ، فأسلما وآمنا بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم ماتا على ذلك ، واستدل على هذا بأحاديث موضوعة وضعيفة جدا لا يصح الاستدلال بها .
( انظر : الحاوي للفتاوى 2 / 202 )

وقد رد العلماء ذلك .

قال العظيم آبادي : " كل ما ورد بإحياء والديه صلى الله عليه وسلم وإيمانهما ونجاتهما أكثره موضوع مكذوب مفترى ، وبعضه ضعيف جدا لا يصح بحال ، لاتفاق أئمة الحديث على وضعه وضعفه كالدارقطني والجوزقاني وابن شاهين والخطيب وابن عساكر وابن ناصر وابن الجوزي والسهيلي والقرطبي وجماعة " (عون المعبود12/494 باختصار، وانظر: مجموع الفتاوى4/324) .

و يجب علينا أن ندرك أن النسب لا ينجي الإنسان من عذاب الله تعالى ، يقول النووي رحمه الله : " من مات على الكفر فهو في النار ولا تنفعه قرابة المقربين " (شرح صحيح مسلم 3 / 79 ) .

ولم يكن حكم والدي النبي صلى الله عليه وسلم وجده بدعا في ذلك ، فقد أصر والد إبراهيم عليه السلام على الكفر حتى مات على ذلك فتبرأ منه إبراهيم عليه السلام ، كما قال تعالى : { وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه } [التوبة:114] ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يقرر هذا الأمر بجلاء ، وذلك حين نزلت عليه الآية الكريمة { وأنذر عشيرتك الأقربين } [الشعراء:214] ، قال : « يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا ، ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ، ويا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا » رواه البخاري (2753) ومسلم (206)

وينبغي على كل مسلم أن لا يحكم عاطفته في رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته دونما حجة وبينة من علم فيبوء بالخسارة في الدنيا والآخرة ، والله المستعان .