متى يقصر المسافر صلاته؟ وما مسافة القصر

متى يقصر المسلم صلاته، وما المدة التي يجوز فيها القصر؟

الإجابة

إذا سافر المؤمن سفر قصد، يعني سفراً يعتبر، وسفر قصد شرع له القصر؛ لأن الله جل وعلا قال: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ.. (101) سورة النساء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر قصر، يعني صلى ثنتين، الظهر والعصر والعشاء هذا محل القصر، أما الفجر فلا قصر فيه، والمغرب لا قصر فيها، إنما القصر في الظهر والعصر والعشاء، يعني في الرباعية، فإذا سافر ما يعد سفراً مثل سبعين كيلو، ثمانين كيلو، أكثر من ذلك، وهما في العهد الأول مرحلتان للإبل يعني يومين قاصدين، فلما ذهبت الإبل صارت السيارات الآن سبعين كيلو، ثمانين كيلو مرحلة تعد سفراً، هذا هو الأحوط للمؤمن إذا كان في هذه المسافة قصر، وإذا كان في أقل منها كالخمسين والأربعين فالأحوط أن لا يقصر لأنها تشبه الضواحي للبلد، وتقرب من البلد بالنسبة إلى سرعة السيارات، وقد ذهب أهل العلم إلى أن السفر هو كل ما يعد سفراً، أي إذا احتاج إلى زاد ومزاد، هذا يعد سفر وإن لم يبلغ سبعين كيلو، وإن لم يبلغ يوماً وليلة إذا كان يحتاج إلى زاد وإلى مزاد، إلى ماء يعني، ما يعد سفراً هو الذي يقصر فيه وهو الذي يحتاج إلى الزاد من الطعام والمزاد يعني الماء، كخمسين كيلو، أربعين كيلو، ونحو ذلك، في المطية والمشي على الأقدام، أما السيارة فإن حالها غير حال الأقدام، وغير حال المطية، كما هو معلوم بسبب السرعة، فلهذا إذا احتيط في هذا وصار السفر ما يعد سبعين كيلو تقريباً أو ثمانين كيلو يكون هذا أقرب وأحوط، وهو موافق لما قرره العلماء سابقاً من اليومين القاصدين، فإذا ذهب إلى نحو هذه المسافة قصر، صلى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، وإن كانت أقل من ذلك فإنها تشبه ضواحي البلاد فالأحوط له أن يتم أربعاً. المقدم: أيضا يقول ما المدة التي يجوز فيها القصر؟ وأعتقد أنه يقصد المدة التي يقيم فيها الإنسان في سفره. الشيخ: نعم، المدة التي يقيم فيها الإنسان في سفره تنقسم قسمين: قسم مدة يحددها، ومدة لا يحددها، فهذه المدة التي لا يحددها بأن يكون له حاجة في البلد لا يدري متى تنقضي، مثل طلب إنسان، إذا التمس إنسان لعله يجده، مثل حق له على إنسان يطلبه منه، مثل خصومة يريد إنجازها أو ما أشبه ذلك، ليس لها مدةً معلومة، بل مهمتها أن ينهي هذه الحاجة، ولو في يومٍ واحد أو يومين، هذا يقصر مدة إقامته، لأنه ليس له أمد محدود، هذا لا يزال يقصر حتى ينتهي، أما الحالة الثانية فهي حالة الإنسان الذي قد عزم على أيام معلومة، قد حددها، وأنه يقيم عشرة أياماً، عشرين يوم، أربعة أيام، أو خمسة أيام، فهذه اختلف فيها أهل العلم منهم من قال: تحدد بثلاثة أيام، ومنهم من حدد بأربعة أيام، ومنهم من حددها بخمسة عشر يوماً وقيل بعشرين يوماً، فالأحوط في هذا أربعة أيام، إذا نوى أكثر من أربعة أيام أتم، والحجة في هذا إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فإنه أقام أربعة أيام لأنه صبَّح مكة اليوم الرابع صباحاً، ثم أقام اليوم الرابع الخامس والسادس والسابع، ثم توجه إلى منى وعرفات في اليوم الثامن، قال العلماء: هذه أربعة أيام قد عزم على إقامتها فيقصر فيها الصلاة كما قصر النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا نوى أكثر من ذلك أتم لأن الأصل هو الإتمام، الواجب إتمام الصلاة، شُرع القصر في السفر، فهذه إقامة ليست سفراً، إقامة فيتم فيها، بخلاف الأربعة أيام فأقل فإنها في حكم السفر كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، ولعل هذا أحوط إن شاء الله وأقرب.