صرع الزوجة وأثره

السؤال: بالطلب المقيد برقم 360 سنة 1979، المتضمن أن ابن السائل تزوج بامرأة، وبعد دخوله بها فوجىء بأنها مصابة بمرض الصرع، وتكررت نوبات الصرع بكثرة، واتضح للزوج المذكور أن أهل زوجته أخفوا عنه هذه الحقيقة التي كانوا يعرفونها قبل زواجه بها حتى تم عقد القران والدخول، وبعد حملها منه أجهضت، وقرر الأطباء أن سبب الإجهاض إصابتها بهذا المرض، وأنها ستتعرض لذلك دائماً، وأنها لو فرض وحملت مستقبلاً فستضع جنيناً مشوهاً، وطلب السائل بيان حكم الشرع في هذا الزواج ومدى مسئولية والدها من الناحية القانونية والشرعية بسبب إخفائه هذه الحقيقة، وما هي حقوق الزوج في هذا الموضوع؟

الإجابة

الإجابة: الرقم المسلسل: 322.
الموضوع: (1179) صرع الزوجة وأثره.
التاريخ: 13/05/1980م.
المفتي: فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق.

المراجع:
1- طلب فسخ عقد الزواج عند وجود عيب بأحد الزوجين غير جائز عند الظاهرية، سواء كان قبل العقد أو بعده.
2 - ظهور عيوب مرضية محددة بالرجل تجيز للمرأة طلب التفريق عند فقهاء المذهب الحنفي، ويرى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة أن الرجل والمرأة في طلب التفريق سواء.
3- وجود عيب بالزوجة بعد الدخول بها ولم يكن يعلمه الزوج قبل العقد ولم يرض به يجيز له الرجوع بالمهر على من غرّه -في الصحيح عند الحنابلة وبه قال مالك والشافعي في القديم-، ويرى أبو حنيفة والشافعي في الجديد عدم الرجوع بشيء بعد الدخول على أحد.
4- أرجح الأقوال في فقه المذهب الحنفي أنه لا يجوز للرجل طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيباً ولا الرجوع بشيء من المهر على أحد، وبه أخذ القانون.

الجواب:
إن الزواج في الإسلام مودة ورحمة ومعاشرة بالمعروف.

فإذا ظهرت عيوب مرضية مستقرة غير قابلة للعلاج والشفاء بأحد الزوجين فهل يجوز لأحدهما طلب فسخ الزواج قضاء أم لا يجوز؟
اختلف فقهاء الشريعة في هذا إلى ثلاثة آراء:
- الأول أنه لا خيار لأحد الزوجين إذا ما وجد بصاحبه عيباً، فلا يجوز له طلب فسخ عقد الزواج سواء كان هذا العيب قبل العقد أو حدث بعده وسواء كان بالزوج أو بالزوجة، وبهذا يقول الظاهرية.
- الثاني: أنه يجوز طلب التفريق بعيوب محددة، ويقول بهذا فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، غير أن فقهاء المذهب الحنفي يرون أن التفريق يكون بسبب العيوب المرضية التي توجد في الرجل خاصة على خلاف بينهم في عدد هذه العيوب، بينما يرى فقهاء مذاهب المالكية والشافعية والحنابلة جواز طلب التفريق بسبب العيوب المرضية سواء للرجل والمرأة، وإن اختلف هؤلاء أيضا في عدد العيوب المجيزة لهذا الطلب ونوعيتها.
- الرأى الثالث: يجيز طلب التفريق مطلقاً بأي عيب جسدي أو مرضي، ولأي من الزوجين هذا الحق، وبهذا يقول شريح وابن شهاب والزهرى وأبو ثور.
وقد انتصر لهذا الرأى العلامة ابن القيم في زاد المعاد ج- 4 ص 58، 59.

هذا: والصحيح في مذهب الإمام أحمد بن حنبل كما جاء في المغنى لابن قدامة ص 587 ج- 7 -أن الزوج إذا وجد بزوجته بعد الدخول بها عيباً لم يكن يعلمه قبل العقد ولم يرض به- أنه يرجع بالمهر على من غره، وأن ولى الزوجة ضامن للصداق.
وبهذا قال الإمام مالك والإمام الشافعي في القديم والزهري وقتادة اعتداداً بأثر مروي عن سيدنا عمر بن الخطاب، وقال أبو حنيفة والشافعي في الجديد لا يرجع الزوج بشيء على أحد، لأنه بالدخول بها قد استوفى حقه استناداً إلى قول سيدنا على ابن أبى طالب في هذه الواقعة.

ولما كان القضاء في مصر قد جرى في هذا الموضع على أرجح الأقوال في فقه مذهب الإمام أبى حنيفة عملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931.

وكان فقه هذا المذهب يقضى بأنه لاحق للزوج في طلب فسخ الزواج إذا وجد بزوجته عيباً من العيوب التي تجيز الفسخ اكتفاء بما يملكه من حق الطلاق إذا يئس من علاجها لأن الزوجية قائمة على حق تبادل المتعة، وذلك لا يمنع منه ظهور أنها مصابة بالجنون أو بالصرع، كما أنه ليس للزوج الرجوع عليها أو على وليها بشيء إذا ظهر بها عيب.

لمّا كان ذلك لم يكن لابن السائل في هذه الواقعة أي حق قبل زوجته أو أحد من أوليائها بسبب ظهور هذا المرض بها، وليس له إلا أن يصبر على معاشرتها أو يفارقها بطلاق، وفى هذه الحالة تكون لها جميع الحقوق الشرعية التي تترتب على الطلاق، والله سبحانه وتعالى أعلم.



من فتاوى دار الإفتاء المصرية.