حكم الحلف بغيرالله

سمعنا في برنامجكم نور على الدرب أن الحلف بغير الله حرام، كما سمعنا فيه أن شخصاً حلف بالطلاق فلا تطلق زوجته أليس في ذلك تناقض يا سماحة الشيخ؟

الإجابة

الحلف بغير الله منكر، النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو يصمت)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)، وهو حديث صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: (من حلف بالأمانة فليس منا)، وقال: (لا تحلفوا بآباءكم ولا بأمهاتكم ولا بالأجداد ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون)، هذا حكمه عليه الصلاة والسلام وهو منع الحلف بغير الله كائناً من كان، فلا يجوز الحلف بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولا بالكعبة ولا بالأمانة، ولا بحياة فلان ولا شرف فلان، كل هذا لا يجوز، لأن الأحاديث الصحيحة دلت على منع ذلك، وقد نقل أبو عمر بن عبد البر الإمام المشهور رحمه الله إجماع أهل العلم على أنه لا يجوز الحلف بغير الله، فالواجب على المسلمين أن يحذروا ذلك، وليس لأحد أن يحلف بحياة فلان، أو شرف فلان، أو بالكعبة أو بالنبي أو بالأمانة، كل هذا لا يجوز، أما الطلاق فلا يسمى حلف في الحقيقة وإن سماه الفقهاء حلفاً لكن ليس من جنس هذا، الحلف بالطلاق معناه إيقاعه على وجه الحث والمنع والتصديق والتكذيب مثل والله ما أقوم، والله ما أكلم فلان، هذا يسمى يمين، فإذا قال عليه الطلاق ما يقوم، عليه الطلاق ما يكلم فلان، هذا يسمى يمين من هذه الحيثية، يعني من جهة ما يتضمنه من الحث والمنع أو التصديق والتكذيب، سمي يميناً لهذا المعنى، وليس فيه حلف بغير الله، ما قال بالطلاق ما أفعل كذا، لا يحلف بالطلاق، بالطلاق ما أكلم، هذا لا يجوز، لكن إذا قال عليه الطلاق أنه ما يكلم فلان، عليه الطلاق أنكِ ما تروحي يا فلانة إلى بيت كذا وكذا يعني، عليه الطلاق ما يسافر إلى كذا وكذا، هذا طلاق معلق، يسمى يميناً لأنه في حكم اليمين من جهة الحث والمنع والتصديق والتكذيب، فالصواب فيه أنه إذا كان قصد منعها أو منع نفسه أو منع غيره من هذا الشيء الذي حلف عليه يكون حكمه حكم اليمين، في كفارة اليمين وليس في هذا مناقضة لقولنا أن الحلف بغير الله ما يجوز، وليس في هذا مخالفة، لأن هذا شيء وهذا شيء لأن الحلف بغير الله يقول: باللات والعزى، بفلان، بحياة فلان، وحياة فلان، هذا حلف بغير الله، أما هذا طلاق معلق، ليس حلفاً بالمعنى والحقيقة بغير الله ولكنه حلف في المعنى من جهة منعه وتصديقه وتكذيبه، فإذا قال عليه الطلاق ما يكلم فلان كأنه قال: والله ما أكلم فلان، أو قال عليه الطلاق ما تكلمي فلان، يخاطب زوجته كأنه قال لها: والله ما تكلمي فلان، فإذا حصل الخلل وحنث في هذا الطلاق الصواب أنه يكفر عن يمينه كفارة اليمين، يعني له حكم اليمين، إذا كان قصد منع الزوجة أو منع نفسه، ما قصد إيقاع الطلاق، إنما نوى منع هذا الشيء، منع نفسه ومنع الزوجة من هذا الفعل أومن هذا الكلام، هذا يكون له حكم اليمين عند بعض أهل العلم وهو الأصح وعند الجمهور يقع الطلاق، عند الأكثرين لكن عند جماعةٍ من أهل العلم لا يقع الطلاق وهو الأصح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وجماعة من السلف رحمة الله عليهم لأنه له معنى اليمين من جهة الحث والمنع والتصديق والتكذيب، وليس له معنى اليمين في تحريم الحلف بغير الله، لأنه ليس حلفاً بغير الله، وإنما هو تعليق فينبغي فهم الفرق بين هذا وهذا، والله أعلم.